قراءة نقدية للأستاذة
سعيدة محمد صلاح
لقصيدة الشاعرة الأستاذة نجاح الشرقاوي صحراء قلبي
قراءة سيميائية لقصيدة "صحراء قلبي"
يحمل العنوان "صحراء قلبي" مفارقة دلالية تجمع بين الجفاف والفراغ من جهة، وبين العاطفة والحياة الداخلية من جهة أخرى. الصحراء، بما هي رمز للجدب والوحدة، تتحول في سياق النص إلى فضاء يُروى بماء الحب، مما يمنحها حياة وخصوبة. العنوان هو المفتاح السيميائي الذي يعكس تيمة التحول من القسوة إلى الرقة، ومن العزلة إلى التواصل.
الصورة الشعرية والسيميائية في المقطع الأول
"أيها العالق في قلبي ونبضي
أيها الساكن في أعماق فيضي"
تمزج الشاعرة بين الحسي والروحي عبر خطاب موجه إلى المحبوب الذي يسيطر على القلب والنبض (رمز الحياة)، ويتغلغل في "فيضي" (رمز الغمر والعطاء). هذا المزج يبرز علاقة الامتلاء والتكامل بين المحبوب والشاعرة ، مما ينقل الصحراء من مجرد مساحة فارغة إلى قلب متوهج بالحب.
التوا تر السيميائي بين الجدب والحياة
"من رمى حبك في صحراء دربي؟"
السؤال هنا يحمل نبرة أسى واستفهام استنكاري، لكنه يعكس أيضا تحولا خفيا. الصحراء التي كانت مجرد فضاء قاسٍ تتحول إلى مكان يحتضن الحب، مما يجعلها فضاءً ديناميكيا بدلا من سكونها التقليدي
الموسيقى الداخلية والتكرار كرمز للامتداد
"سأغني يا حبيبي وأغني
إنني أدمنتك موسيقى بأذني"
الموسيقى ليست مجرد عنصر جمالي بل هي رمز للحياة والإيقاع الداخلي الذي يمنح الصحراء أبعادا جديدة. التكرار هنا يعكس شدة التعلق بالمحبوب، وامتداد تأثيره عبر الزمان والمكان.
الصورة المتكررة لـ"الصحراء" و"الواحة"
"واحة تخضر في صحراء قلبي"
الصحراء التي كانت جدباء في بداية النص تتحول تدريجيا إلى واحة تخضر. هذا التحول يرمز إلى فعل الحب الذي يغير كل شيء، مما يعكس جدلية الجدب والخصب، الموت والحياة، الوحدة والتواصل.
الاشواق بوصفها خيوط الخيال
"نغزل الأشواق من دنيا الخيال
نحتسي خمر الهوى صرفا زلال"
الأشواق هنا ليست مجرد أحاسيس عابرة، بل هي خيوط تنسج عالما خاصا بين الشاعرة والمحبوب. الخيال يصبح مساحة خصبة للإبداع، حيث تتحول الصحراء إلى مكان مفعم بالألوان والنكهات.
نهاية النص: الحضور والاحتفال بالحياة
"سوف أحياك قريبا وبعيدا
وأرى في كل يوم فيك عيدا"
النهاية تحتفي بالحب كقوة دائمة الحضور، قادرة على إحياء الصحراء مهما بدا المحبوب قريبا أو بعيدا. "كل يوم عيد" هو رمز للبهجة المتجددة، التي تنقل النص من الحزن والفراغ إلى الامتلاء والحياة.
البعدالسيميائي في العلاقة بين الحب والصحراء
الصحراء في هذا النص ليست مجرد مكان، بل هي استعارة عميقة لحالة الإنسان الوجدانية حين يفتقد الحب والتواصل. المحبوب هنا هو "الواحة" التي تمنح الشاعرة الحياة والخصوبة، مما يعكس ثنائية الموت والحياة في تفاعل دائم.
اللغة والتكرار: هندسة للنص
اعتمدت الشاعرة على التكرار (يا حبيبي، صحراء قلبي) كأداة لبناء إيقاع داخلي يرسخ الأفكار. كل تكرار يحمل دلالة جديدة، فيخلق حركة دائرية تعكس استمرار الحب كطاقة لا تنضب.
الختام
قصيدة "صحراء قلبي" هي رحلة رمزية من الجدب إلى الحياة، ومن الوحدة إلى العطاء. عبر الحب، تتحول الصحراء إلى فضاء نابض بالحياة، مما يجعل النص تعبيرا شعريا عن قدرة الحب على تحويل الإنسان من الداخل والخارج.
قصيدة الشاعرة الأستاذة نجاح الشرقاوي
****صَحْرَاءُ قَلْبِي***
*******
أَيُّهَا الْعالقُ في قَلْبي وَنَبْضي
أَيُّهَا السَّاكنُ في أَعْمَاق فَيْضي
يَا شَقيقَ الرُّوح يَا مُهْجَةَ قَلْبي
مَنْ رمَى حُبَّكَ في صَحْرَاء دَرْبي ؟
*****
سَأُغَنّي يَا حَبيبي وَأُغَنّي
إنَّني أَدْمَنْتُكَ مُوسيقَى بأُذْني
وَسَرَى طَيْفُكَ مَقْرُونَا بعَيْني
حُلُمَا يَدْعُو فُؤَادي فَأُلَبّي
وَاحَةَ تَخْضَرُّ في صَحْرَاء قَلْبي
*****
يَا حَبيبي إنْ دَعَاكَ الشَّوْقُ يَومَا فَتَعَالْ
نَغْزِلِ الْأَشْوَاقَ مِنْ دُنْيَا الْخَيَالْ
نَحْتَسِي خَمْرَ الْهَوَى صِرْفَا زُلَالْ
مِنْ رَحِيقٍ سَاحِر الْأَكْوَابِ عَذْبِ
فَيَضُوعُ الزَّهْرُ فِي صَحْرَاءِ قَلْبِي
*****
سَوْفَ أَحْيَاكَ قَرِيبَا وَبَعِيدَا
وَأَرَى فِي كُلِّ يَوْمٍ فِيكَ عِيدَا
فاَرَى فِي دَاِخِلي قَلْبَا سَعِيَدا
كُلَّمَا أَحْسَسْتُ أَطْيَافَكَ قُرْبِي
تَنْثُرُ الْأفْرَاحَ فِي صَحْرَاءِ قَلْبِي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق