الثلاثاء، 26 مارس 2024

هجرة الأموات / بقلم / مصطفى محمد كبار

 هجرة الأموات

نمضي في الحكايات
بأوجعها
و من السنين صرنا لا نحمل
إلا
صور الأموات و ذكراهم
الأبدي
فنشهقُ بأوجع الدموع
و نبكي حجراً
لنا من الآلهة كل ما
يهلكنا
و لنا أحلامنا الصغرى
بعرش الضباب
بقيتْ المناحر تهد بأجسادنا
دون كلل
و راحت تلملم ورائناخيبتنا
الكبرى
نتألم و نكبر مع كبر
الوجع
فنستفيق منها عند أبواب
الحياة و نحن منكسرين
فكل الأشياء لا تحمل
صفة الرغبة
ماذا كان سينقص من
السماء
لو إنها أوقفت أعمارنا
بزمن الطفولة المبكرة
قبل
أن ندرك بظلم الأخرين
بغدنا المكسور
ماذا كان ينقصنا لنحيا
قليلاً
دون أن نحمل الأكفان
بدل أرواحنا
كان لآلهتنا قلب يدق
حجراً حجراً
كان لون الهزيمة هناك
أزرق
عبسٌ كل مشقتنا وراء
الحياة
و تعبٌ مواعيدنا مع
الآاتي
فإحترقنا دون أن يبصرنا
آليهتنا الحاقدة
و دخان احتراقنا رسم وجه
المدى البعيد
نسينا وراءنا كل
الأمنيات
فمن من الأموات القدامى
يحمل ذنبنا الكبير
من سيكتب سيرة حكاياتنا
المؤلمة بحبر الغراب
مهاجرون من ذكرى الزيتون
تائهون
ضائعون
منكسرون بألف خذلان
و نائمون كالدمى
واقفين كأصنام الأموات
أمام الريح
غرباء نحن بأرضٍ قاحلة
تقتلها الجفاف
لا أجنحة لأرواحنا المتعبة
و لا كل كتابات المؤرخين
تتسع لملحمة أوجاعنا
ولا يوجد هناك أقلام
تتحمل
تاريخ وجعنا العميق
بزحمة الوقت نسير مع
الضجر
نطرز الهموم لغدنا الشاخط
و ننتظر السراب
لا غدٌ سيطلُ من جسد
ليلنا المر
و لا الصبحٌ سيشرق على
وجه الياسمين
لكي
تصحُ الفراشة من حلمها
المقتول
و تسرق لونها من الزهرة
خلصةً
قد أخذ الوجع حصته الكبرى
من جسدنا
إلى أين تأخذنا خطوات
الدروب العابسة
و نحن لم نعد نملك رغبة
العناوين
فأجبرونا على التهجير
قسراً
و سجدوا على أكفاننا
خائبين
كانوا يصنعون شبحاً
من صراخنا
و رسموا صورة آليِهَتم
من أثر دمنا
و أكلوا من لحمنا مر
الهلاك
كانوا يخططون لقتلنا
مع القاتل السفاح
ليورثوا لنا خيبة الأيام
و نكسة القيامة
سرقوا منا المكان و الزمان
و عبادتنا
و أشعلوا بأجسادنا
ناراً
و قالوا لنا .. ؟
هذه شمسكم الجديد
فأسجدوا بهزيمتكم و أنتم
خاسرون راحلون
أخذوا من صدورنا كل
الهواء
و استراحوا على نعوشنا
حالمين
كنا ننتظر من السماء
أن تمطر
برقاً لظلامنا الكثيف
كي نكتب بجدار الليالي
الباردة وصيتنا
الأخيرة
كنا متعبين من وجع
الحياة هناك
كنا نصنع للسنابل أثواب
من الشمس
و لم يكن ينقصنا كل هذه
الآلام لنبكي
كان يكفينا زمنٌ خالي من
الإنكسار و الهزيمة
لنتنفس من المطر الغيث
الخفيف
كنا نحلم مع الملائكة
بالفردوس
و كنا نحرسُ حقل القمح
من سرب الغراب
و لم نكن نحلمُ أكثر
من أن نعانق أبواب بيوتنا
القديمة و نقبلها
لقد نهبوا حياتنا و كسرونا
في الشتات
و ناموا بفراشنا بيومهم
الحرام
و نكحوا من النساء المشعوذات
و عبث ا بالخراب بأشيائنا
و كفروا بأسم الآلهة
زرعوا في حقول قمحنا
رصاصات الخيانة
ثم رقصوا رقصة الموت
الأخيرة مع الشيطان
كنا نريد أن نسقي شتل
و زرع بيتنا بوقت
الغروب
قبل أن يحملنا الدخان
بهلاكنا لغربة الأموات
قد طال فراقنا و تحجرت
أقدامنا محبطة
و تلاشت من أمامنا دروب
العودة و الرجوع للذكريات
يارب ......
متى سنحمل بطاقة العبور
للبلد الأسير
لكي ندفن جنازة الشهيد
و نبكي بصلاة الوداع
متى ستتذكر معشر
الأصنام
بأننا نموت صبراً و قهرا
فأهل الجوامع والمساجد
نكروا دينهم إخوتنا
و أغلقوا بوجوهنا أبوابهم
جهراً
و جلسوا يتفرجون
على التلفاز
و أهل الصليب أحضنونا
بإبتسامتهم
و طبطبوا بجراحنا بضمائرهم
الصاحي
و كانوا يحملون صفة و شكل
الأنسانية الصحيحة
فإكتب يا أيها التاريخ
نكستنا الكبرى
بأننا مازلنا نحمل نعوشعنا
بحثاً عن مقابرة
ترحمنا
من وجع العمر و طعنة
العابرين
إكتب يا أيها التاريخ
بأنهم
قد خانوا كل الأنبياء
و أجادوا بالشرك
جيداً
و نحن أجدنا لغة الوجع
حتى أثر القيامة
ابن عفرين
مصطفى محمد كبار
٢٠٢٣/١٢/٢٥


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الميماس والدبلان / بقلم / سليمان أباالحسن

  الميماس والدبلان في حمص طبت خيولنا شد أعنتها رقص الخبب وديك الجن هام بسكرته وأفرغ ناهلا خمر القرب إنها حمص ابنة عاصيها غرر نواصيها فخر ا...