الاثنين، 27 يناير 2025

فن الطهو النفسي / بقلم / حسام القاضي

 سلسلة الإشارات النفسية

فن الطهو النفسي
الدكتور / حسام القاضي
ارشاد نفسي وتربوي.
في عالم الغذاء النفسي تتحضر الوصفات لتنتج لنا سلطة مرموقة المذاق منظرها خلاب، طعمها يشتهى ونكهتها عبق جذاب، ولن ندعو لإعدادها شيف خارجي فالشيف المطلوب هو أنت، لأن المطبخ الذي سنعد فيه الوصفة ساكن في صدرك، ولأن أدوات إعداد الوصفة لا يملكها أحد غيرك، والتوابل والممالح والمكسرات تقاديرها لا يعلمها أحد سواك، فأهلا وسهلا بنا في عالمك أنت فلسنا بحاجة للاستئذان فنظراتك قد وجهت لنا دعوات، وكذلك ملامح السرور البادية على وجهك تبدو عليها التهليلات، ولن نطرق باب قلبك فقد وجدناه مشرعا يقدم لنا الترياق والمقبلات.
حتما أنك تعرف مبتغانا ولن تسألنا عما تشتهيه أنفسنا فأكرمنا من زادك النفسي فما على الكرام من شرط ولا إجبار، فنحن كابدنا عناء الوصول فهيا رحب بنا واستقبلنا بابتسامة تزيح عن كواهلنا عناء الأسفار، وبعد الابتسامة هات لنا أطايب الكلام وشكل في ألوانها وأحجامها وكذلك في نكهاتها، وبالله عليك نحن متعبون فلا تخبرنا إلا بما يسرنا، حدثنا عن بقعة البياض في عالمك، عن رقعة الاشراق في مسيرتك، عن مغامراتك الايجابية، عن ابداعاتك الخيرية، عن كل حديث جميل وسار.
حول مائدتك افرد لنا من الأطباق أجملها، وليكن طبق الاحترام أكبرها، متعنا بطيب الخاطر واجعل لنا في مظهره نكهات وألوان ونكشات خلابة تنال منا الإستحسان، فالمضيف دوما يخشى السهو عن ضيفه فيكن حبه هو الطعام والعصير، وبأدوات الضيافة تهتم فلا نتهمك بتقصير، حتى نقبل زادك ولا نمله وننهل منه كأنه العسل والحرير، وأظهر لنا من كرمك ما يرضينا فلا تكن بخيلا فالكرم لا يضير، واحملنا على كفيك فعنك سنقول الحكايا ويهمك مديحنا حتى تهواك الأفئدة كأنك السلطان أو الأمير.
(في عالم السلطات والمقبلات النفسية) حتما أنك تعلم أن الكشرة والعبوس والنفور والجمود في المظهر كلها مقبلات ذهبت موضتها، وتعفنت أصولها، وتجمدت امتداداتها، وأن موضة اليوم الدارجة هي الانشكاح والقبول والمخالطة والاستماع والامتاع، كما أن الملوحة بمقدار لكن الحلاة مطلب فزد حباتها حتى نستطعم من لسانك كل الأخبار، وليكن سكبك للسلطات بتفنن وابهار، فالإتكيكت بات عملة تطلبها كل الأذواق فلها القبول والازدهار.
أما الفراش فقلبك يسعنا فلا نحتاج سجادا ولا حصير، وجوانبه وسائد كأنها ريش النعام الذي يطير، وبطائنه ناعمة تحلو معها الأحلام فنذهب بعيدا ولا نهوى من قلبك الخروج فهو كالقصر تأتيه الوفود من كل حدب يميلون لركنه ففيه الخير الوفير، ينضخ بالدم سقاء لنا كحاتم ذبح خيله كي يكرم ضيفه فأثنى عليه بالخير فبات خبره معلوم لدى الصغير والكبير، فقط أغلقه علينا (قلبك) ولا تغلقه دوننا كالرهط الذين عزموا أن يقطفوا الثمر لا تطاله أيدي طالب فحق عليه أمر القدر فأصبح هشيما كالذر يطير، كن كريما فما في يدك عطاء الدنيا ولو شاءت لحرمتك فأصبحت مزدرا لا احترام لك ولا توقير.
وانتظر منا زيارة أخرى لمطبخك النفسي فما شبعنا من زاد أصالتك ولا ارتوينا من عذب نهلك فلديك من الوصفات الكثير الكثير، والدنيا ملتقى على وسعها ستجمعنا بك ذات مرة فنفرح عندها ونقول هذا الملك القدير، فهيأ لنا ـ من الآن ـ وصفات نحبها منك فنهوى ركنك ونسأل عنك فتمتعنا بطهوك النفسي لنا خيرا من غذاء ودواء فالنفس تواقة لغذائها تسقى منه الطيب الوفير.
فن الطهو النفسي
Psychologycal gastronomy



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أذكريني / بقلم / رجب كومى

  قصيدة بقلم الشاعر رجب كومى بتاريخ 2825/1/27 بعنوان أذكريني حبيبتي مابيننا صار عشقا اياك أن تخمد مشاعرك فليس هوانا عشق تائها او ملمح محياكي...