الاثنين، 9 ديسمبر 2024

مدن الرخام / بقلم / أحمد بياض و عبدالرحمن بكري

 تحت ظل البحر

قراءة لقصيدتي
***مدن الرخام***
من طرف الأخ العزيز:
عبدالرحمن بكري
مدُنُ الرّخام***
لنشِيدكَ
في انكِسَارِ الصباح
وللنّسيانِ المتمرّد
شوقٌ يتيم
على الرّماح
عصفورة
ودمية
وكأس ثمالة
وضياء السفن الغارقة
في حلم الصمت.......
عيناكِ بحر
حِين يكسّر محياكِ
مدُن الرّخام٠
هل لديك مفاتيح أخرى
على قارعة الأمل
و صُبابة!
حين تزهر الأنفاس في حلم الليل‚
على شعلة الحطب المرتجفة;
أنا وآنت
ومراسيم نهر دموعكِ
وثوب الموج ;
وظلّ الظلِّ
يكسّره الريح;
وشرفة الوقت:
بقايا سنبلة
وردة تنادي عشقها
ببراءة المغيب;
وتلفظ الابتسامة
شعلة الريح....
في التيه
تغرس صيحة المساء الأخيرة;
مَنِ الأول
السّابح في تُخومِ المساء
وينقر الباب الخلفي
لضحايا النهار
ويشقّ بداية الليل!?
وحدكَ
وناقوس الفرات
وعراء منديل
وموج الذاكرة...
لنشِيدكَ
الحافي
على جذورِ الأوصال;
ابتسامة الصباح
على ثغر الليل....
اقتربي قليلا
وتوسّدي حلمي
على ما بقي من جفني
حينًا
سيسقط الليل
على قفطان الرماد
وتكتب القصيدة
أعاصير شوق
على قيود السّبايا
ودمعة الفرح
وتشيّد أجنحة ظلٍّ
لعصفورة السهاد
من ضوء عينيكِ
ذ أحمد بياض/ المغرب/
*************************************
"بعد التعرف على شخصية شاعرنا وضيفنا أحمد بياض في فقرة سهرتنا من البرنامج ” ضيف و حرف “ حان الأوان لملامسة حرفه من خلال قصيدته المختارة ” مدن الرخام “
1/ ملاحظة عامة :
تتميز النصوص الشعرية للشاعر أحمد بياض ببذاختها على مستوى مكوناتها الدالية في لغتها المعجمية الراقية والدلالية بصورها وانزياحات معانيها واستعاراتها ومحسناتها والتداولية في سلامتها اللغوية وتركيبها وصرفها و...
فتشعر بالأهمية المثلى التي يوليها الشاعر للصورة الشعرية في بنائها الاستيتيقي .. وفي اختيار كلماته بعناية فائقة ..حتى تأتي نسيجا مطرزا بألوان البلاغة .. من انزياحات واستعارات.. يعانق فيها التجريد حقول التجديد في تجسيد فعلي للكياسة والذوق والإحساس ..بوتيرة هادئة وروح كاشفة للجمال والإبداع دون ادعاء .. ساعده في ذلك رؤية فلسفية ومرجعية فكرية عابرة بأثر واضح في النسق الشعري ..
2/ ملاحظة خاصة :
في قصيدة مدن الرخام يسافر بنا الشاعر بين خلجات الذات في أخيلتها و إبحارها البوحي ، وسحر الكلمات في نسيجها وتهدجها الروحي ، وذلك الامتطاء الواعي لأمواج السريالية بإشارات مركبة ،ومعقدة ..يشيد معها جدارات سميكة على نبض الواقع في حراكه اليومي ، وحرقة سؤال الرمز في بعد يتحاشى الاقتراب من مواقع الهتاف والصراخ والتهافت .. ينتشي ضمنا حرقة السؤال في بعده الأنطلوجي .. والابستمولوجي ..
مدن الرخام .. قصيدة تشكل أرخبيلا شاسعا يضم مجموعة من الجزر .. المنفصلة في جمل شعرية قصيرة .. والمترابطة بلحمة المعاني المشكلة و ألوان الكتابة المتنوعة ..كأننا نسبح في عالم متناغم بفسيفساء ثرية بكل أشكال الجمال ..
3/ دلالة العنوان في جمالية البنيان :
مدن الرخام :
٭ مدن ج مدينة .. تتوفر على مقاييس خاصة في التجمعات البشرية .. والمباني .. وفضاءات المؤسسات ..
كما قد تعني في بعدها الشامل الحضارات والمدنيات
٭٭ الرخام نوع من الحجر المتين .. أسلس وجميل .. يمكن صقل سطحه بسهولة .. يمنح جمالية بتعدد ألوانه .. كما يساهم في تأثيت الواجهات والزخرفة.. لاستعمالاته في صنع الأعمدة والتماثيل والبلاط ..
_ هل للعنوان امتدادات في تشكيل دلالات وأبعاد القصيدة ..؟
_ هل يعتبر هنا العنوان فاتحة تساعد القارئ على تفكيك بنية القصيدة ؟؟
قد أجازف في مقاربتي بادعاء أن وظيفة الرخام منحت امتدادات في تشكيل بنية النص الخارجية ..أي لذاته .. من حيث تأثيث واجهة النص في نحث كلماته وزخرفة لغته المعجمية بألوان المعاني في شفافيتها ورونقها ..فهنا الرخام خدم كثيرا القصيدة وأعطاها بعدا معماريا وجماليا ..فكأننا أمام قصيدة قدت من قطعة الرخام .. فأعطاها قيمة إضافية في البنيان ..
لكني لا أعتقد أن دلالة العنوان تمثل مفتاحا يساعد المتلقي على مقاربة النص وتفكيك بنيته الدلالية ..وأبعاده وفهمه ..! وسبر أغوار النفسية لذات الشاعر ..!
4/ أبعاد القصيدة بين النشيد والانكسار :
كثيرا ما تأخذ مفردة النشيد فهما وسياقا يراوح بين الحزن والفرح.. و الانكسار ؟ تفاعلنا معها كتيمة تكررت في النص من جهة و تتسيد بؤرة الشاعر كبنية ملازمة في تعاطيه البوحي داخل النص
وسنحاول مقاربة ذلك من خلال ما عبر عنه شاعرنا أحمد بياض
★ في بداية القصيدة :
لنشيدك
في انكسار الصباح
★ وفي وسط القصيدة :
لنشيدك الحافي
على جذور الأوصال
ابتسامة الصباح
ماهي المواقف الأساسية للشاعر في التعاطي مع النشيد وعلاقته بالصباح ..؟؟
فالصباح يشكل بداية في الدورة الزمنية ..لحظة استئناف لقرار الحياة .. وكل الخلائق لها في الصباح فأل خير .. ويوم جديد ..وأمل في الحياة
إلا أن الشاعر يبدأ نشيدصباحه بانكسار ..في قلب نسيان يتمرد على الذكرى في محاولة يائسة بكأس الثمالة .. وهي استعارة مجازية للنسيان ..لنسيان ماذا ..؟ عصفورة ودمية لازال الشوق إليها (كمقربة الى الشاعر في صيغة المؤنث فهو في جزء من متتاليات القصيدة يشير إليها أنا وأنت ) يدمي القلب بسهم اليتم ..والوحدة القاسية .. في ضياء سفن غارقة بلا أمل ولا ضفاف حلم ..ولا صبابة .. فقط أنهار دموع في مراسيم الذكرى ، تلبس ثوب الموج بمعنى كفن الموت ..الثوب هو كفن وسياق الموج في لونه الأبيض وخطره الداهم والقاتل .. بمعنى الموت
وفي المقطع المشار إليه أعلاه في وسط القصيدة تعود الذاكرة لتنشد من جديد لحنها الحافي أي عزفها الوحيد في استعادة جذور الأنساب والخواطر في صباح يسرق ابتسامته من ثغر الليل ..أي عنوة من قلب الحزن والألم في محاولة للسلوان فيأمرها بالاقتراب لتتوسد حلمه وما بقي رابدا في عينه ، وفي قلبه .. قبل أن يستيقظ الليل في بعده الدلالي الحزن والظلم ويعيد ارتداء قفطان الرماد .. الاحتراق / الفاجعة/ الانكسار ..
وفي آخر أنفاس الشعر يعلن لنا الأستاذ أحمد بياض فعل الكتابة للقصيدة ..لترصد هجوما (أعاصير شوق ) على سلاسل العبودية (قيود السبايا ) من تاريخ يلمح إليه بكثير من الشوق أم من الغبن أم من الخجل ؟؟
ولتعود لعصفورته دمعة الأفراح وتعانق الخير وتمتطي ضوء الحرية والانطلاق ..
5/ شبه غياب لبنية الفعل في القصيدة :!!
تكاد تختفي حركية الفعل في نشيد القصيدة فعدد الأفعال (12) من قصيدة تمتد على 57 جملة شعرية
وهي ملاحظة أثارت انتباهنا .. كأن بشاعرنا يكتب قصيدته من خارج بنية الزمن .. لا يعطي للحدث أهمية في توطينه وتأريخه .. ولا يبحث عن الأسباب والدوافع في سجل الانكسار .. ولا يلتفت إلى الفرح في ساعته .. وحين استعمل أفعاله ( يكسر _ تزهر _ تلفظ _ ينقر _يشق _ يستيقظ _ تكتب _ تشيد جاءت مصرفة في الوقت الحاضر ) تخلله فعلين في صيغة الأمر (اقتربي _وتوسدي )
فماذا يعني ذلك ؟
ولماذا اعتنق في بناء قصيدته على أعمدة جمل إسمية أو ماشابهها في الصياغة النحوية والتركيبية ؟؟
وهل دوافع البعد السريالي في عزف القصيدة يتيح هذه البنائية في إمكانيات الصياغة والمتابعة .؟؟
أكتفي بطرح هذه الأسئلة لتعميق النقاش وإغناء الرؤية مستقبلا..."


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الكتابة / بقلم / نريمان عبد الخالق

  الكتابة شعور جميل إحساس عميق ك نورا يهدى به بعد الغروب علاقة القلم بالكاتب علاقة وطيدة تجمعهم الأوراق يلتمسون ذاك النبع وشعور الجميل هما ك...