القمر اليتيم
كل المخلوقات على وجه الأرض تحترم بعضها البعض ، فالحشرات والحيوانات والبشر وحتى النجوم ، كل هذه المخلوقات لها علاقات طيبة واحترام متبادل فيما بينها .
فالحشرات وهي أكثرها احترامًا وتعاونًا ، وهذا برأيي المتواضع ، فهي تقوم بمساعدة بعضها البعض ، فعندما تجد ( النمل ) قطعة من الطعام ، تبدأ بأطلاق أصوات عالية حتى يجتمع أكبر عدد منها ، وتفكر كيف ستحمل هذه القطعة الكبيرة ( بنظرها ) الى بيوتها .
يمسك كل منها بطرف وتسير بخط مستقيم كأنها على سكة قطار أو بصف مدرسي منتظم ، لا تتقاعس أحداها ولا تفكر أن تحتكر الطعام لوحدها، هذا يسمى التعاون وهو نوع من أنواع الاحترام .
وليس غريبًا على البشر أن يكونوا متعاونين ، فهم يعيشون في مجتمعات كبيرة تجمعهم روابط أجتماعية وثقافية مشتركة ، وتعاونهم وتكاتفهم أحلى شيء في هذه الأرض .
قد يصادف أن يتغرب الانسان أو يهاجر أو يهجر ، فيكون المأوى الوحيد له هو ( المخيمات ) والتي لا تقيه من البرد والحر أو المطر ، فتظهر روح المحبة والمساعدة فيما بينهم لحماية خيمهم ودرء الخطر عنها .
انا سعيدة وفخورة بهذا العمل والتعاون الرائع ، وأتمنى أن نجده في كل زمان ومكان بلا تمييز أو توقف ، واتسائل دائمًا .. هل من الممكن أن يختفي التعاون مثلًا ؟!!
وإذا تكلمنا عن النجوم ، فلا تستغربوا ، فهي من وجهة نضري تحترم بعضها البعض ، قد تسألوا كيف هذا ؟!
فالنجوم قد وضعت مسافة مناسبة فيما بينها ، لا تقترب أكثر منها ولا تبتعد أكثر ، وهذا يسمى ( التباعد الإيجابي) ، فعندما نقترب أكثر قد نفرض نفسنا أو آرائنا على الآخرين ونتدخل في أمور لا تعنينا ، اما إذا ابتعدنا أكثر من الازم فقد يحدت الجفاء وقطع الصلات والعلاقات الاجتماعية ، لذلك فأن أجمل شيءٍ أن يكون بقدر معلوم بلا زيادة ولا نقصان ، وهذا ما تعلمته من النجوم التي يجب أن نتعلم منها معنى الاحترام.
فالأرض والسماء رغم تباعدهما فهما جزء واحد لا تفصلهما حدود أو قيود ، يكمل أحدهما الآخر ، وهذه من نعم الله علينا .
اما ما يخص موضوع الصدق ، فالكثير يعتبرونه وسيلة لمحبة الناس وكسب ثقتهم ، والأهم هو التواضع للآخرين.
فالورود مثلًا ، عندما تحزن أو تغضب أو تصاب بالعين والحسد لجمالها ، تفسد ورقة منها ، فتحتاج للقص أو تسقط بعد رمشة عين ، فهي صريحة لا تحب الكذب على الآخرين ، لأنها تؤمن ان الكذب حبله قصير وسيكشف لاحقًا ولا تجني منه غير الخزي والعار ، وستفقد مصداقيتها بين الآخرين ، وعندما يحدث أمرًا حقيقيًا فلا احد سيصدقها .
ذات يوم كان الراعي الكذاب يصرخ عاليًا أن الذئاب قد أكلت خرافه ، هب الجميع لنجدته حاملين معهم عصيهم وأسلحتهم ، عندما وصلوا بدأ بالسخرية منهم وقال ضاحكًا بأنه كان يمزح معهم ولاشيء قد حصل لخرافه ، في المساء هجمت عليه ذئاب الغابة ، صرخ بأعلى صوته لعل أحدًا ينجده ، فلم يجد آذانًا صاغية لان الجميع قد عرف أنه كاذب ، وأكلت الذئاب خرافه الصغيرة ، وأصبح نادمًا على كذبه وعدم الصدق مع الآخرين .
سأحدثكم عن الأمانة ، آآآه كم صديقتي خبيرة بها ، فهي تربت على الأخلاق الفاضلة والحفاظ على الأمانة وعدم خيانتها ، عندما أخبئ أشيائي الثمينة عندها كي لا تأخذها اختي الصغيرة أو تعبث بها ، فأنها تكون أحرص مني على حاجياتي ، وتبقى ساهرة على حراستها ، ويقضة لكي تحافظ عليها .
قلت لها ذات يوم : أعلم انكِ أمينة وتتميزين بعدم الخيانة ، هذا عمل جيد وجميل وينبع من تربية وخلق عالٍ ، قد يقوم البعض بالخيانة لعدم معرفتهم وجهلهم بنتائجها ، وقد نسوا أن هذا العمل السيء سيعود عليهم بنفس الطريقة بصورة مباشرة وغير مباشرة ، كما يقول المثل ( كما تدين تدان ) .
قد يفقد أحدنا أهله أو احد والديه فيسمى ( اليتيم ) ، وهناك أشخاص لا يعرفون معنى ( اليتيم ) أو فقد الوالدين والحرمان منهم ، يريدون التكلم معهم ، إذًا تحدثوا مع القمر !!
( القمر ) الجميل هو أيضًا يتيم ، ويتمنى أن يكون له أب مثل البقية ، أمه ( الأرض) قريبة منه ولا تدعه وحيدًا ، يود الذهاب مع الكواكب الأخرى لكنه لا يستطيع فراق أمه التي توفر له الحماية والأمان ، فقد أنكسر ضهره بعد أن فقد سنده .
اليتيم يبحث عن العطف والحنان ، وان يحتضنه ويرعاه الآخرون ليعوضوه عن فقد احبته ، فلا يجد من يهتم لحاله سوى بعض المنظمات الخيرية أو المؤسسات الانسانية التي يجب علينا أن نقف لها احترامًا لما تقدمه من جهد ورعاية واخلاص باحتضانها للأطفال الأيتام وما تسعى لاجله من فعل الخير وتحقيق الأهداف الانسانية السامية ، فهي تبني مستقبلًا وأملًا لهم .
اما الفقراء ، فهم كالكواكب الأخرى ، فهي فقيرة لا شخص عليها ، ليس بها ماء ولا شجر ولا ثمر ، ولا توجد مباني ضخمة ولا بيوت ، فهي رغم غناها بما تحويه داخلها من ثروات ، لكنها تعيش الفقر من وجهة نظرنا ، تتمنى أن تصبح مثل الأرض غنية زرقاء وليس بنية .
رسالتي لكم …
ساعدوا .. أعطوا .. فالحياة تصبح أحلى ..
هذه هي القيم الاجتماعية التي تربينا عليها ، من الجميل أن تبقي الأجيال القادمة عليها دون تغيير ، أو أن تطورها لتصبح أجمل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق