الثلاثاء، 26 مارس 2024

قطار الغربة / بقلم / مصطفى محمد كبار

 قطار الغربة

ماذا تركنا ورائنا
في القطار للمسافرين
تقولُ سيدةٌ
و إلى أين يسير هذا القطار
بنا
و هل سيطول ليصل إلى
المحطة
فلقد تعبتُ من السفر و أرهقني
الضجر
لقد تركتُ جنازة زوجي
لوحدها
أمام البيت المسلوب
كي يحرسها من اللصوص
القدامى
فيقول شابٌ بآخر المقطورة
فأنا أخذت من الزمان لونه
البعيد
و حملت بعضً من خصال
المدى
و نسيت أن أترك لأمي
عنوان
بريدي الأخير
و تقولُ فتاةً تجلس بالمقعد
لوحدها
أما أنا قد رميتُ بثوب زفافي
من النافذة
و بكيت حتى أرهقني الليل
الطويل على حلمي
ثم حملتُ خيبة الحب معي
و سافرتُ مع الريح
و تقولُ سيدةٌ عجوز
و أنا أيضاً أرضعتُ أولادي
من حليب صدري
و عندما كبروا نسيتُ من
هم أولادي و من
رضعتْ
و يقولُ
جندي يحمل بيديه
حقيبة
و أنا تركتُ ورائي الحراسة
للشبح القاتل
فأخذت القرار أن أحكم
على نفسي بالموت شنقاً
قبل الأخرين
فلا أريد أن أقتل من أكلوا
معي من قمحنا
و يقولُ رجلٌ بالخمسين
من العمر
و أنا أيضاً تركت ورائي
كل شيء كان لي
بيتي
و حديقتي
و حارتي
و صور الأب و الأم المعلق
على حائط البيت و كل
ذكرياتي
فتركت كل أهلي هناك
يتصارعون بالموت على
السراب
ثم أمضيت محبطاً بطريق
السفر
دون أن أعلم إلى أي وجهةٍ
أمضي برحيلي
و يقولُ طفلٌ بعمر
الثلاثةَ عَشر
و أنا أيضاً رسمتُ على باب
المنزل
صورةَ زهرة و فراشة و كنت
دوماً أقلد شموخ الوالد
بالبيت
و خبئت ضحكة أبي بين أيام
طفولتي
و حينما كبرت ضيعتُ
زمني
فلم أعد أعلم أأبكي على
أبي
أم أبكي على زمني
الضياع
فقررت الرحيل نحو البعيد
البعيد كي أنسى
وجعي
و يقولُ معاقٌ بكرسيه
المتحرك
أنا وجعي عميقٌ بعمق
المحيط
كنت أعيش مع أختي
الصغرى
بعد وفاة والدي بحادث
سيارة على طريق العام
لكن
شقيقتي وجدتْ مقتولة
عد خطفها بثلاثة
أيام على يد الملثمين
السود
فتركت كل ما كان
لي
في مقبرة الخاسرين و عدتُ
أجرُ ورائي بأحزاني على
درب السفر
ثم يصرخون جميعاً
بصوت واحد ...
و أنت يا أيها المتحجر في
الصمت
ماذا تركتَ ورائك حين
انكسرتَ على طريق سفرك
بالحنين
قلتُ أنا مثلكم
تركتُ أشياءٍ هناك لتكسرني
بغربتي
قالوا ...... ماذا تركتْ
تركتُ قبر أبي المهجور
و صرخة أمي
بدمعها بوقت الموت
و هي تنادي خذني يا ولدي
إلى قبري
كي أنام و أستكن من وجع
الحياة
لكني لم أأتي من طعن
الشيطان
قالوا و ماذا بعد ....
قلتُ تركتُ
الوطن بمستنقع التماسيح
ينهشون بجسدها
ثم هربتُ بالأسم فقط
لكي أحفظ نشيده و أتركه
ليؤنس وحدتي بين جدران
الأحزان
موطني
موطني ........
و تركتُ ورائي توابيتنا
الفارغة
تنتظر عودتنا من الإنكسار
فلا أريد أن أموت بالغربة
حجراً
فتراب غربتي باردٌ
كالثلج
و رائحة التراب هنا
مرُ و مر
و ماذا بعد ....
تركت هناك لعبة الموت
الأخيرة
لتحكي للحجارة عن نكستنا
الكبرى
و العابثون صغار الصعاليك
و الجن مازلوا يخربون
نريد أن نحيا قليلاً
لكن الأقدار لها رأيءٌ
آخر
بسيرة العمر البائس
فإنقلب الزمان على الزمان
و المكان لم يعد رائحته
كما الأمس
فكفى للعبث
سأكمل القصيدة بوقتٍ
لاحق
عندما يصل القطار
للمحطة
و يحين موعد النزول من
وجعٍ قديم ........
مصطفى محمد كبار
أبن عفرين
حلب سوريا ....... ٢٠٢٤/٢/٢٧


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أذكريني / بقلم / رجب كومى

  قصيدة بقلم الشاعر رجب كومى بتاريخ 2825/1/27 بعنوان أذكريني حبيبتي مابيننا صار عشقا اياك أن تخمد مشاعرك فليس هوانا عشق تائها او ملمح محياكي...