قصة
الجزء الرابع
بين الحقيقة والسراب
الكاتبة/ ليلى جمل الليل
ردت الأم:((سأخبرك لماذا؟!، لكن أخبريني، بمَ أرد على خالتك أسماء مبررة رفضك لعامر؟!))، ردت عبير ((من قال أني رفضته؟، أخبريها بموافقتي!))،
جحظت عيني السيدة أسماء وبفاه فاغر
تركت عبير والدتها، دون أن تنبس بكلمة، أغلقت باب غرفتها وسط ذهول من والدتها، التي ظلت جالسة دون حراك يذكر..
بينما سليم يتفقد شاشة الموبايل، ينتظر ردا على تعليقه، حتى أحس بأنه فقد سحره، ولم تعد كلماته تحمل تلك الروح التي تداوي جراح القلوب الحائرة من حوله، إذا بمنشور قادم من صفحة سراب طائر حزين:
(( بعض السراب نسير خلفه في الصحراء، أفضل من انتظار نزول المطر))
ضحك بصوت عالي، لم يتمالك نفسه فوضع كأس العصير جانبا فقط إنسكب جزء منه على بنطاله، قائلا: (( دراما، هذه الفتاة مليئة بالدراما))، مالبث يكتب تعليقا: (( في كلا الحالتين، ستموت ظمأ!)).
وضع الهاتف جانبا، من النافذة قذف خُفه نحو الشباك المقابل فتح مراد، فأصابه الخُف الآخر، وبعفوية أمطره وابلا من الشتائم، وأغلق النافذة حنقا منه، كان موقفا ساخنا، متلاحق الأحداث فتعالت ضحكاته كقهقهة القرود، دوى ضجيجها في الحارة، فتح مراد النافذة ورماه بالخف، لكن الرميه لم تصبه، ولم يتوقف عن الضحك أيضا، تأمل مراد سليم وناداه هل يعرج إليه، لقد أدرك أن لدى صاحبه شيء ما يدغدغ مشاعره، رن الهاتف بأستلام إشعار هب سليم يتفقد وإذ بتعقيب من سراب طائر حزين.. توقف عن الضحك، أشار لمراد بعذوله عن مرافقته وأغلق النافذة، وفتح الإشعار:
حيث كتبت:
(( إذن، الموت ظمأ قدر سكان الصحارى)) ..
تأمل سليم كمية اليأس ود لو يحدثها على اِنفراد، ما كل هذا اليأس، هل هي حقا في وضع حزين، أم تتوهم ذلك، أخذ يتوغل في صفحتها بفضول هل تعاني أزمة جيل القرن الواحد والعشرين!؟، فأحتار من تنوع منشوراتها، لكنه عاد ليكتب ردا على تعقيبها: (( سكان الصحارى، يدركون كيف العيش فيها، من يهلك فيها هم سكان المدن))، ثم ذيل تعليقه برابط..
أستلمت عبير الرد حيث لم تضع المحمول من بين يديها أصلا، كان تلتجئ إلى الضوء الصادر من الشاشة وعالم الإنترنت من ظلمة تزحف إلى روحها، وضياع فكرة، وخواء اِجتاحها بعد حديثها مع والدتها، فتحت الرابط وإذ به لكتاب عنوانه الهشاشة النفسية، لماذا
أصبحنا أضعف وأكثر عرضة للكسر ، د. إسماعيل عرفة..
قامت بتحميل الكتاب.. وقد جذب انتباهها فقضت الليلة تقرأ فيه بنهم شديد..
,,لقد تناول ضعف البنية النفسية لشباب القرن الواحد والعشرين، وعدم قدرتهم على تحمل المسؤليات، و ضعفهم في معالجة المشكلات وإيجاد حلول لها،،
ما أن أنتهت من قراءته، حتى بعثت شكرا لسليم، وبتلقائية قبلت طلب الصداقة، ثم استسلمت للنوم عميق..
استلم رسالة الشكر، وسره قبولها لطلب الصداقة، وضع نظارته جانبا.. توسد يديه جهة صورة مروى.. يتأملها وهي تغمرة بابتسامة عذبة رقيقة الوجه، داعبت أناملة زجاج الصورة وأخذ يلمس فستان الزفاف الذي لم يلمسه قط.. دب عطش فيه مهجته سقت دمتعين من خديه فزاد إتقاد الحنين وهو يتنهد قائلا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق