الثلاثاء، 30 مايو 2023

أناس عاديين / بقلم / أسيف أسيف

 يوميات أناس عاديين

378
***********
الحياة " طويلة " والذاكرة ليست هشة كُليّا ، فروح الأب و وجوده ستبقى راسخةً في مخيلة الإبن ولن يفقدَ حميميةَ الحاجَةِ إليه أبدا . جسدُ ضيفِ يوميتنا ( بائع الشكولاطة ) الضعيف البنية و المشوش الفكر ، سيبقى تابعا لأبيه وأمه طوال الوقت .
كلمة "ماما" و"بابا" لهما وقع كبير في نفس الصغار ، واليوم أحسستُ أنها تلتها كلمات أخرى يسمعها هذا الطفل يوميا في الفضاء الذي أصبح يرتاده مُرغما ، لما يغادر مقعد الدراسة كلَّ مساء .( القسم الثاني ابتدائي )
في حديثي إليه ذات ليل قال : " أريد بابا ".. قالها بغُصَّىة تُلفت الإنتباه ببنائها اللغوي و الإيقاعي . الآن ، أكيد يبحث عن خبز أسودَ ببيعه الشكولاطة البُنِّية في المقاهي ، فمعدته لم تخلق لتناول الخبز الأبيض والشوكلاطة بكل أشكالها و ألوانها ، و لا الأيس كريم ولا ما لذ وطاب من الطعام . أكْلُ الخبز لا شك يردده مرات على مسامع زبنائه .
هل كان أبوه شريرا ، مستهترا مفرطا في " خبيزة " هذا الطفل ، ومسؤولياته تجاهه ، وكان مصيره الطرد من البيت من طرف الزوجة ؟؟.. ظلت هذه الفكرة تشغلني وأنا أستعيد شريطَ حواري معه . لحد الآن لم أصل لهذا المعطى . ولا يمكن الاعتماد على أقوال الصبي لمعرفة الحقيقة .
ما راقني أنه كان لا يزال يرسم صورةً مُركزةً ومركزيةً عن أبيه . وكم وددتُ لو استطعت أن " أصحح " قرار الأم تُجاه الأب و الذي لم يستسغه الإبن حين قال بالعامية المغربية ــ دون ذكرهما بالإسم : " اجْراتْ عليه " أي طردتْه . الرنة الصوتية التي قال بها العبارة ، أدركت من خلالها أنه أحس أنهما أنانيان ولا يهمهما مصيره ..
قد فات الأمَّ و الأبَ معاً ، أن الحياة شبيهة بحقل زرع تضايقه الأعشاب الطفيلية ، تلك التي يمكن استئصالها وإبادتها ليقوى الزرع و يعطي ثمارا .. فأيُّ ثمارٍ سينجب هؤلاء الزوجان .؟
بقلم
أسيف أسيف


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الراهبُ الثوريُّ / بقلم / الكعبي الكعبي ستار

  الراهبُ الثوريُّ في السجونِ تسجدُ الأحزانُ ثكلى كم تثورُ وتناغيكَ القيودُ بفؤادٍ نزفُهُ صبراً ينوءُ هو دامٍ في المنافي دهرُهُ خوفٌ بليلِ ا...