عندَ السَّرابِ يتربَّعُ النَّهار
طرقَ الوفاءُ بابي شاكياً
يُؤرِّقهُ الرِّياء...
تغطشهُ الظلمةُ...يحطمهُ الغباءْ
بيني وبينكِ يزرعُ ماضياً
صحراءً... واغترابْ
عينهُ شعلةٌ تَخْبو
وأطلالٌ تناثرتْ ويلفُّها الضَّبابْ
كانَ قلَّما يُجيدُ الملامةَ
قلَّما يُخالطُ الوادعةَ
يدوسُ بخفِّيه حكايةَ الجرحِ
في أشجانِ التُّرابْ
لا يعبأُ في بدايةٍ، أو نهايةٍ
لا تعنيهِ في مآسيه الأسبابْ
طريقهُ بينَ الماءِ والملحِ
لا أبجديةَ في شفتيه
ولا ترتيبَ هجاءٍ في يديهْ
كما جادتْ به الأزقَّةُ يمضي
في بواديه ركامٌ
وفي حواضره ينامُ العُجابْ
لا سلاطينَ في ممالكه
لا يفاضلُ بينَ مالك أو بوَّابْ
لا حنينَ في لُبابه
ولا أشواقَ تزدريه
يمضي على ظهر فقيرٍ
حالهُ كامنٌ في الصَّدر...في الإعماق
وقد يغذُّ السّيرَ في الرِّكابْ
٭ ٭ ٭
غادرَ العينُ تاركاً في ظلامِ
الشوقِ مهجةً حرَّى
يُترعها فيضُ أسىً
يُجرِّعها الغيابْ...
يُعنِّفُ الخطابَ، يُبادرها اللومَ
يُذقها الويلَ في العذابْ
أيحفرُ الوجدُ في صُلبٍ؟
ويكسرُ عاتيَ الموجِ صَدعٌ؟
ويرتمي عقابٌ في حبائلِ غُرابْ!
تُراهُ، يُقفلُ من صدٍ؟
أو يجلوْ منْ عينِ حبيبٍ
في أتون الهجرِ إيابْ
غابَ منقباً غيرَ بعيدٍ
لملمتُ الليلَ طرفَ بقيةٍ
ألقاني في حومةٍ
أَغبُّ ألوانَ اليبابْ
أَزبدُ... ألاطمُ في جلجلةٍ
بقايا أمنيةٍ هدَّها الشُّوقُ
في اطرابٍ من سحابْ
يعاندُ في الرِّيح انقلابْ
للسَّالكينَ الدَّربَ في الوجدِ
في الونا يرسو ضبابٌ
تُراهُ ينجلي...
إنْ لم يزل في الشَّوق انصبابْ؟
٭ ٭ ٭
تدورُ الأحداثُ... تدوخُ الأحداثُ
تنتظمُ الأمورُ... يصفو الشعورُ
تُفتحُ القبورُ... تنغلقُ الثغورُ
تبقى أخرَ الهمومْ…
أُبحرُ في شجوني
أنشدُ رؤيا... أستدرجُ حلماً
أنامُ وحيداً... أصحو
أعتكرُ... أصفو
أنتحلُ قامةَ عاشقٍ
أسقطُ في رعشةِ هزلٍ
أركضُ في ذاكرةٍ ثكلى
تراودني أحلامٌ، تُفارقني بسمةْ
يُكدِّرني وجهكِ المنكوب
أهادنُ، ألتمسُ لآهٍ صبرا
تنسربُ أقداري
أتشظَّى في استكانةٍ
أسقطُ من حُظوةٍ شذرا
٭ ٭ ٭
تثاقلَ الصّمتُ في صمتي
تآكلَ في وجعي سرِّي
انحنى في ضلال السِّيفِ ظهري
تسرَّبَ منْ يدي عمري
والخرقُ عبرَ الظَّنِ يجري
في ملفَّاتِ الحقيقةِ، في اليقين
في مستوى الحقائقِ
في تصميمِ الرَّكائزِ
في الرُّؤى، في خضمِّ الانبهارْ
كانَ العبثُ في المسلَّماتِ
يغزو في عينيكِ الصُّورةَ
في بريق اللونِ يُكرسُ
في مسار الحقيقةِ انهيارْ
يسلِّطُ النُّورَ إلى السَّفاسفِ
يغطشُ في الثَّوابت نهارْ
يلوِّحُ منْ شواطئ الخيبةِ
تضيقُ المسافةُ، تسقطُ الفواصلُ
والفعلُ يستعيرُ لفعلته الأفعالْ
فيهزمُ الحقيقةَ نقيضٌ في إصرارْ
يحضرني نفيُ النَّفيّ
والنعتُ يؤطرُ الحالْ
وتشبُّهُ الحرفِ بالفعلِ
وتمامُ المعاني في ناقصِ الأفعالْ
وإعرابُ الفعلِ في تضادْ
وعندَ السَّرابِ يتربَّعُ النَّهارْ
٭ ٭ ٭
كانَ الوعدُ ألَّا تأتي
هكذا تجلِّى في العرَّافينَ النِّداءْ
هكذا كنتِ... هكذا أنتِ
دوماً تعكسينَ الاتِّجاهْ
في يديكِ يكتملُ البدرُ
وفي عينيكِ يُشرقُ الفجرُ
والغيمُ يهزجُ مطراً
وعلى سواعدكِ الاتِّكاءْ
لم تدَّعي الوحيَ
ولا نَزلَ في ساحتكِ الإباءْ
كلُّ الأمرِ كانَ في كسرِ
كلماتِ السرِّ في قاموس الجُهلاءْ
لمْ ألحظْ فيكِ استكانةً
لمْ أقرأْ في يديكِ استغاثةً
يتناقلُ الكلُّ عن الفرحِ الأنباءْ
وكلُّ شيءٍ يوحي منْ بعيدٍ أنَّ
قدميكِ لمْ تزلْ في ثابتٍ
في إصرارٍ دون غطرسةٍ
دون نكرانٍ... دون ازدراءْ
كانَ الوعدُ ألّا تأتي
كنتُ أجتهدُ في تبريدِ الأجواءْ
كنتُ أُحاولُ ترميمَ الصُّورةِ
أَبني قامةً في امتدادِ الظِّلالْ
أقترفُ فيكِ مغفرةً
رُبما تصحو رياحُ التَّدبُّرِ
وتنجرفُ أطلالُ الخوفِ
في رحلة تحديثِ المعطياتْ
في النَّهجِ... في اليقينِ...
في سراطِ العقلاءْ
كانَ الوعدُ ألّا تأتي
وكانَ في حضوركِ الانكفاءْ
ابراهيم خضور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق