الرؤية النقدية لرواية كرامة من زجاج للناقدة القديرة سحر سامي........٣
ومن هنا نجد فروقات من جذب وشد وصفع وأجواء مشحونة مابين تهدئة الرجل وغضب الاب وثورة الابنة فكان من الرجل ان يهدىء الاب بقوله انها معذورة لان الموضوع مفاجىء فلابد من مراعاة مشاعرها وطلب منه ان يتركهما وحدهما مع علمه بانها خلوة قبل البناء وبين استنكار الاب لكلامه الا انه لن يأخذ اكثر من عشر دقائق على ان يكون باب الحجرة شبه مفتوح لانه يريد ان يكلمها على انفراد وهنا هاجت هويدا وهمت بالخروج الا ان الرجل امسك يدها برفق شديد يريد التودد لها فخرج الاب ساخطا مع بعض التمتمات الغير مفهومه وجلست هويدا لتستمع للرجل الذى شاهدته لاول مره وملات عينيها منه فهو رجل على وجهه تعبيرات اضفت جمالاعلى ملامحه رغم صرامة الخطوط الممدودة على وجهه فاعجبت به وتحدث اليها ان لايكون الا مايرضيها وان الامر بين يديها وعليها ان تقرر مصير هذا الزواج ان يكون سعيدا او مليئا بالمشاكل وهنا سالته هويدا فقالت له وهل الواقع ان يفرض عليها ويدعى ان الامر بيدها وهل عليه ان بمثل دور النبل الذى ينتظر رايها فلماذا يتزوجها بهذه الطريق دون ان يسمع وجهة نظرها فيه وفى طباعه وهويته وهنا رد عليها بلهجة حاسمه الا تقاطعه اثناء حديته وعليها ان تنتظر للنهاية فجاء ردها بانها لا تعترف به زوجا ولا يكلمها بهذه الحدة وانه لا يغتر بان اباها ثار عليه امامه فوصفته بانه اب رائع فاستشاط الرجل غضبا وقال لها عليها ان تعرف حقيقة هذا الزواج وبعدها تكون حرة فى اختيارها وهنا استوقفت هويدا هذه العبارة الجادة
واسترسل الرجل بان اباها تعرف على امراة تصغره كثيرا وهى ارملة فاستوقفته بعدم تكمله حديثه عن ابيها فهى لا تريد ان تسمع اى شىء عن ابيها الذى يهابه الناس ولكن الرجل اخذ فى الاسترسال وقد تعلق قلبه بها واراد ان يتزوجها منذ سنة تقريبا فاشترطت عليه مهرا كبيرا فاقترض المال منه على ان يرده بعد عام فاستوقفته مرة اخرى ونظرت اليه فى استنكار كاتمه صرخة بداخلها من هول المفاجاة ولا تريد الاستماع لما يقوله وبدات تسال نفسها مرة اخرى هل تزوج ابوها دون ان يدرى احد من اهل البيت ؟ وهل حقا مديون لهذا الرجل ؟ وهل جاء الرجل ليسترد دينه ؟ كل هذه الافكار والتساؤلات دارت براسها وهى مصدومه ومذهوله من وقع المفاجاة
فقررت ان تحفظ كرامة ابيها ولن تقلل من شانه امام الرجل وعليها ان تحافظ على هيبته فقالت له وماذا فى زواجه ؟ فهو ليس بعيب او حرام وانما شرع الله ولا يعيبه شىء وهنا قاطعها الرجل بحسم وقال ليست المشكلة فى زواجه ولكن المشكلة فى الدين وهنا سالته انها لاتفهم ما دخل هذه المهزلة وهذا الزواج؟ فاجابها انه كان يدخر هذا المال لزواجه وان تجاوز الخامسة والثلاثين من عمره وبعض الناس الذين يعلمون قصة الدين ان اتكلم مع والدك واجعل هذا الدين مهرا لك
وهنا صرخت فى وجهه صرخة قويه فقد شعرت بطعنة فى كرامتها وقالت له انها مجرد صفقة والا تستحى يارجل من هذا الكلام جئت لتساوم على زواجى مقابل دينك مع والدى ؟ لقد سقطت من نظرى اكثر فقال الرجل وقد ظهرت علامة الضيق بانه لا يساومها فهى صاحبة القرار وكل ما هنالك ان لايستطيع ان يصبرعلى والدها ويريد ان يتزوج فاما ان يرد ابوها الدين او يشكوه للمحكمة ولها حرية الاختيار فقالت وهى تشعر بوخز السكين اكثر فى صلب كرامتها اذا فالزواج او حبس ابيها فما احقرها من مساومة .. فاجابها الرجل يريد منها كلمة بنعم او لا فقالت له عليه ان يعطيها فرصة للتفكير لعلها ترجع لاخيها ليسدد الدين فهو يعمل بشركة بترول وراتبه كبير لعله يخلصها من هذا الماذق
وتسالت كيف ؟ لقد كانت تستمع الى مشاجرة ابيها مع اخيها وكانت تسمع اخاها يقول ليس معى ويرد ابوه هل تعاقبنى ؟ فكانت لا تفهم وقتها تلك الكلمة كانت تظن مجرد عدم حب زوجته لهم ولكنها الان ادركت ان قاسم يعلم بزواج ابيه وانه لم يساعده عقابا له فاستوقفتها هذه العبارة هل يجوز ان يعاقب الابناء الاباء ؟ هل ياتى وقت على الاب ان يجد نفسه رهينة اولاده وتنقلب القاعدة
يالها من مشاعر كالسكين تغرز فى القلب وهل تعلم امها بهذا الزواج ؟ ولماذا لا يستمر هذا الزواج الذى كلف اباها كل هذا الدين... حالة من التساؤلات والاستنكارات والاهانات التى تقسم وتذل اى انسان وهنا انتبهت على صوت الرجل يقول فى غضب كم وقت تحتاج للتفكير ردت اسبوعين لم يقبل هذه المهلة قال كثير واخذت تقلل فى المدة الا انه قال لها الان لابد ان ترد فردت عليه انت تذلنى وتنتهك كرامتى فى مقابل الا يهان ابيها ذو الهيبة محبوسا ويتلسن عليه اهل القرية ثم قالت فى عصبية شديدة لا اريدك فتنهد الرجل قائلا ان الموضوع منتهى وعليه ان يقدم الاوراق للمحكمة
فقالت وهو يغلب عليها البكاء ما هذا الجبروت ياله من ذل مهين قاطعها قائلا ليس ذلا هى حسابات ليس الا فانه كان يدخر المال لزواجه لا ان اباها اخذه وتزوج به والان يريد ان يتزوج فلما تعقد الامور ؟
استمعت له وهى تتخيل ابيها وهو مكبل اليدين وسط الناس وتضيع مهابته وتحرم منه اسرته وهو لم يسىء لها ولا لاخواتها فقالت له وماذا لو وافقت ؟ قال ساتنازل عن الدين واعتبره مهرا لك على ان نتفق على موعد الزواج فى مدة اقصاها ثلاثة اشهر كانت تدقق فى ملامحه وترقب كلماته ورغم اعتراضها على شكل الزواج وطريقته الا انها كانت مستحسنة ملامحه وشعره المرجل ولمحات الرجوله تنطق فى وجهه واسلوبه الهادىء الا انها تشعر بالاهانة فى ضغطه ومساومته وهى لم يعد لها فرصة للمقارنة بين حرية ابيها وهيبته وكرامته وبين اهانته وحبسه وحرمانهم منه وانتبهت مره اخرى على صوته ماذا قلتى ؟ لقد مرت الدقائق واريد ان افى بوعدى مع ابيكى لقد قلت له عشرة دقائق
قالت وهى لا تريد ان تفتح شفتيها لن تستطيع ان تضحى بكرامة ابيها وانها ستكون انانية وانفجرت فى بكاء شديد وهنا فتح الرجل الباب ونادى على الحاج وهيب وجاء الاب مسبل العينين لا يستطيع رفعها فى وجه ابنته رغم انه كان متشوقا لمعرفة مصيره فقال له الرجل لقد وافقت واقتنعت ياحاج واريد ان احدد موعد العرس قال الحاج وهيب على بركة الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق