السبت، 29 أبريل 2023

أمل / بقلم / محمد فتوح

قصة قصيرة :

أمل

مذ أُحيلت فاطمة على شرف المهنة كثر تردّدها على المقبرة
كانت تجلس عند قبر الطاهر وتأخذ في الحديث عن أحوال البلد
وكيف تمكّن من الحكم من لا همّ لهم غير الغنيمة والإستكراش
أو تقرأ بعض القصص القصيرة أو شيئا من الشعر كما لو كان
يسمعها
كان الطاهر مثالًا للطيبة وسماحة الخُلق لم يعرف لسانه يوما
كلمة سوء ولم يتّسع صدره لبغضاء مات الرجل وبقي الأثر
الطيب
لم يترك وراءه من اليُسر سوى منزل متواضع بأحد الأحياء
الشعبية ومنحة تقاعد تتصدّق فاطمة بنصفها وتكتفي بالنصف
الآخر وراتبها لتصدّ عنها ذلّ الحاجة وقهر الخصاصة ولم يترك
لها من الأبناء من تخفّف زياراتُه شعورها بالوحدة والوحشة
فرغم التحاليل والفحوص المتكرّرة ورغم أصناف العقاقير
والوصفات الشعبية المختلفة لم يستقرّ بأرحامها جنين
لم يبدِ الطاهر طوال حياته انزعاجا أو تذمّرا من عقمها بل غالبا
ما كان يواسيها قائلا: لا تحملي همّا فلنا في تلامذتنا وفي أولاد
أختك وأولاد أخي أبناء بررة وكانت غالبا ما يبدو لها صد
قوله في لمعة عينيه وابتسامته العريضة
تحدّثت فاطمة ذلك اليوم عن الإنتخابات وتجاوزات بعض
الأحزاب وشبهات تزوير وقرأت نصّين لأحمد مطر وحين
تأهّبت لتلاوة الفاتحة ومغادرة المقبرة أحسّت بخطى تقترب
منها رفعت رأسها تملّكتها الدهشة مستحيل فرك
عينيها كأنّها تتأكّد ممّن ترى مستحيل الطاهر في جسد أنثى
حين استرجعت ثباتها وهمّت بالسؤال قالت الفتاة:
أنا أمل أمل ابنته
محمد فتوح
تونس


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رحلة العمر / بقلم / بسعيد محمد

  رحلة العمر ومجالس الفضلاء بقلم الأستاذ والأديب : بسعيد محمد يا شذى القلب ، يا رنيم السماء يا ضياء أكرم به من ضيا...