الثلاثاء، 21 مايو 2024

بمدامعي / بقلم / مصطفى محمد كبار

بمدامعي

لا توقظْ بنيرانِ ذكراكَ جحيمَ الفراقِ

فنارُ الذكر يقتلني وجعاً و يثورُ غضبي

دعْ شحوبَ اليأسِ بمرها ترقدُ بحالي
ففي العينِ حجرٌ و بالصدرِ جمرُ اللهبِ

أمسكْ بأطراف مناسكٍ كلما دارَ الردى
كالريحِ برفقةِ الغيمِ في السفرُ الأرتبِ

و مادارَ الزمانُ بكسرتهِ إلا حينَ توارى
أذاقني من كفرِ الزمانِ مرهُ و الكذبِ

إستباحَ برحيلهِ و أجادَ بالعمرِ فأرهقهُ
و كلما إحرقتُ بنارُ الهجرِ زادَ بالحَطبِ

مالي بجفاهُ أسدُ بدروبُ الدنيا و أنثرها
مالي أُقاسمُ طعنهُ بالظهرِ و أردمُ ركبي

فكم ملئتُ ملئ الجفونِ بدموعٍ تبارحها
و أقمتُ مآتمٌ من سوادٍ باللومِ و العتبِ

يا هاجرَ الفؤادَ بأي ضميرٍ تهاجرني
و أنا سجدتُ بغرامكَ ألفاً و كأنكَ نبي

و أدمنتُ هواكَ بروحي حتى القيامةِ
فأحرقتني و قتلتني بالبلاءُ الداءِ العطبِ

وحيداً أناجي بصلاةُ الموتِ راجياً
عسى الله يشفعُ للفتى الجاهلِ الأوغبِ

أضرمْ بناركَ في الفؤادِ كقناديلُ الظلامِ
أدمن دنياك بقتلي مراً بالطعنِ و الكربِ

فهذا الدهرُ لركنهِ مالهُ يشدني شاحباً
كفرٌ بحياتي و لعنةُ الغضبُ الأغضبِ

أنا نصفي مقتولٌ بشركِ الهوى و رديمٌ
أجرُ بمضاريحي للنوى و الروحُ بِمغْيَبِ

أقلبُ لليمينِ بجرحي فأهدهُ بالشمالِ
سيفٌ يطولُ بالوعن و سيفٌ يلهو يلعبِ

و الوجعُ البليغُ بحالهِ مالي أشدهُ أرقاً
و كأني ناطحٌ بجدارُ الموتِ في الوكبِ

شريدٌ أجولُ خلف الذكرياتِ بمهادمي
لا شفاهٌ يضجُ بقبلةٍ و لا النهدُ ملعبي

لا خمرٌ أشربهُ من عسلُ الثغرِ فأدمى
و لا الحبيبُ راحمٌ كي يعودَ للأنسبِ

إن كانَ للبعدِ قسمةٌ فأين زمنُ اللقاءُ
و أحاديثُ العشرِ بلياليها الشهدُ المحَببِ

فلو كانَ للسنينِ لسانٌ يبوحُ بما دارنا
لغدتْ الأوجاعُ بحالها و خجلُ الَشغَبِ

ها طيفهُ مازالَ يدورُ بجوارَ الضفافِ
كالنسيمِ يرنو بعطرهِ بشذاهُ الطيبِ

بزمنُ الصبى حملتهُ كما تحملُ السماءُ
نجومها و أرهقتُ العمرَ بالوغى الرَهَبِ

كيفَ يشاطرهُ المنامُ و جفني حجرٌ
فوق بكاءُ الفجرِ كؤوسٍ بمرها يسكبِ

يبارحني بغلهِ و يسلو بالسيفِ ذابحاً
حتى بانَ وجهُ الطعنِ بشكلهِ الأعجبِ

إني أعوذُ بآخري كلما جاءَ ليجهدني
بشدةِ الاوجاعِ ناديتُ يا وجعُ الأقربِ

يا أيها البعيدُ بالغيابِ أدارَ عني بوجههِ
قل للزمانِ ما هدني و ما أوجعَ نسبي

بكاءٍ لم تخاصمني بطولُ ما جارني
كأني الملعونُ بزمن الكلابِ مأجربِ

يمضي كالغريبِ الذي راقهُ نزفُ دمي
يكاسرني بمرُ الجروحِ و يغلبني بالمهربِ

مالكَ لاتسألُ عن صحبةُ العمرِ بعشرتهِ
كالريخصِ رحتَ تسلو بالحرامِ و النُدبِ

حتى رخصتني بين القومِ الجهالةِ كالصعلوكِ
فراحَ يهزءُ بسيرتي الأعجميُ و الأعْربِ

أتمضي بالنسيانِ و روحي بيديكَ تئنُ
بضلالةٍ تكسرها من بقايا حلمٍ متعبِ

يا دار أعدني لحدث الذكرياتِ بحُلِها
أشبعْ خاطري راحةً و أكرمني بمطلبي

حطمْ غبارَ السنينِ من جدارَ غربتي
و أسقني من فرجُ الإلهِ بكأسُ المشربِ

فمشانقُ الامسِ ماتزالُ تلوحُ ببقاياي
و الدهرُ شاهدٌ من نالَ قذارةُ اللقبِ

فكيفَ أرجعُ لراحتي و الجرحُ يشاطرني
وحشٌ أطالَ بنخرهِ بالعمرِ بحدُ المخلبِ

كأني كنتُ لعبتهُ بطولُ السنينِ فعبثٌ
ما كنتُ أحملهُ من الحبِ لذاكَ أجنبي

فهاكَ بيضُ اليدينِ مازالتْ تسيلُ منها
روائحُ اللمسِ من نهدٍ شلتُهُ بأثرُ اللَعْبِ

فويحَ زمنكَ لو كانَ يدري بذنبَ علتهِ
لعادَ خاشعاً إلى ربُ الرحيمِ الأوهبِ

و حسبي لو أني ما لقيتهُ يوماً
لنجوتُ بنفسي من شرُ الحاقدِ المذنبِ

تأتي الروح مسائلةٍ متى يطلعُ فجرنا
فيأخذني الخجلُ بالخيبةِ لمرِ المذهبِ

لا فجرُ سيطلُ من نوافذِ السماءِ
و لا الشمسُ ستشرقُ لترحلَ بالمغربِ

معذبٌ أنا بمحرابُ المذلةِ مشلولٌ
أعدُ بهزائمي بوحشةِ الألمِ المعَذبِ

جسدي تعبٌ و المنامُ حجرٌ أثقلني
فأُصارعُ الألمَ الكفيفِ الأعزلُ الأغربِ

قسماً بدينَ الخلقِ لم أنسهُ يوماً إنما
بدارهِ راحَ النسيانُ يهدُ طاعنً بالرُسُبِ

فهذا الرحيلُ و هذا الكفرُ كيفَ أحملهُ
و كل الدروبِ نواقصٌ تداريها النَكبِ

هي الأقدارُ من تباركتْ بسقوط الدمعِ
مهلهلةٍ حتى إستباحتْ نواظري والهُدبِ

و ليسَ بحالُ العمرِ إلا وجعُ الندامةِ
كلعنةُ الويلِ المرسوبِ بالوهمُ الأجْرَبِ

ابن حنيفة
مصطفى محمد كبار
حلب سوريا ٢٠٢٤/٥/١٨




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أذكريني / بقلم / رجب كومى

  قصيدة بقلم الشاعر رجب كومى بتاريخ 2825/1/27 بعنوان أذكريني حبيبتي مابيننا صار عشقا اياك أن تخمد مشاعرك فليس هوانا عشق تائها او ملمح محياكي...