الاثنين، 4 ديسمبر 2023

حكاية وراء كل باب / بقلم / أبو إيهاب القادري

 حكاية وراء كل باب

قرية من قرى فلسطين عاشت في أمن واستقرار ، ينهضون الصباح الباكر لطلب الرزق والأمهات يعملن في أعمال البيت بترتيبه وطبخ الطعام، والشباب يتناولون طعام الإفطار ثم يذهبون إلى المدارس والبعض يذهبون إلى الجامعات ، أما الشباب الذين قد تخرجوا من الجامعات البعض منهم يجلسون على المقاهي، والبعض فإنهم يلتحقون ّبالمعسكرات للتدريب وتعلم فنون القتال واستخدام جميع أنواع الاسلحة وقبل كل هذا تعلم معني حب الوطن.
وكان في هذه القرية بيت يسكنه وال يوجد فيه غير أم وابنها، أما الأب فقد أستشهد أثناء المعارك مع الاحتلال في مدن أخرى .
كانت الأم تحب ابنها لدرجة إنها عندما كان يخرج إلى المدرسة تتابعه خطوة بخطوة، وتنتظره عندما كان يعود عند الباب، وفي يوم من الأيام دع منادي إلى جميع الشباب الانضمام إلى المعسكرات ففرح الشاب بهذا الخبر ألنه كان يتمنى ويحلم ان يصبح جنديا يحمى وطنه من الأعداء ومن الخائنين ولكن الأم لم تفرح بهذا الخبر وتغير لون وجهها،
فقال الولد :- عن إذنك يا أمي سأذهب لتجهيز حقيبتي كي البي نداء الواجب .
قالت الأم :- أين ستذهب ومازال عمرك صغيرا وجسمك هش ال يقوى على تحمل التدريبات العسكرية!
قال الولد-: لا يا أمي لقد أصبحت شابا يافعا أستطيع
تحمل أنواع وأقسي التدريبات العسكرية، إنها مدرسةالرجولة ولقد تمنيت هذا اليوم منذ نعومة أظفاري وأريد أن أكون مثل أبي، أرجوك يا أمي لا تحرميني من هذا اليوم .
وأثناء حديثهما ناده أحد أصدقائه لكى يذهبون معا، فقبل الولد يدي أمه وأخذ الحقيبة ثم فتح الباب، أما الأم ذهبت كالعادة وراءه حتى وقفت وراء الباب تنظر إليه فتتذكر أبوه عندما كان يذهب إلى المعسكر والدموع تنهمر من عينيها فترفع يداها إلى السماء وتدعوا له بأن يحفظه من كل شر و مكروه، وتمر الأيام والشهور والأم تنتظر ابنها فتارة تنظر من النافذة وتارة أخري تفتح الباب، وفي يوم تسمع الأم دقات على الباب ، فتترك كل شيء من يديها ثم تتجه نحو الباب لتفتحه لترى أمامها رجال قوى البنيه يرتدي الزي الذي كان يحلم بها منذ الصغر ،
فيقبل يد أمه ويقول -: ما هو رأيك بهذه الملابس يا أمي ، لقد أصبحت كما تمنيت ، وقد تجاوزت كل الاختبارات العسكرية بنجاح، ثم يتجه نحو صورت والده التي كانت معلقة بالجدار ويقبلها ويقول-: ها انا لقد أصبحت مثلك تماما وسأحمى وطني وعرضي من دنس الاحتلال وسأخذ بالثأر منهم مهما كلفني ذلك .
قالت الأم لولدها -: غير ملابسك حتى انهي تجهيز
الطعام.
ومرت الأيام والولد يذهب إلى المعسكر صباحا ويعود في المساء حتى جاء يوم الوداع وبينما كانا يتناولون طعام العشاء قال الولد لأمه -: لقد حان وقت المواجهة مع العدو المحتل الذي دمر بلادي ولازم نلقنه درسا لن ينساه.
فردت الأم قائله :- لقد كنت أخشي هذا اليوم، وكم تمنيت إنني اراك مع عائلتك وأنظر إلى أحفادي وهم يلعبون أمامي ولكن قدر ما شاء فعل، ثم ذهب إلى مواجهة الاحتلال الذي دنس أرضي وتمر الأيام فتسمع الأم زغاريد النساء التي يستشهد أبنائها او أزوجهن في المعارك مع العدو، وترى أجساد الشهداء محمولة على أكتاف أهالي القرية فترفع يداها إلى السماء وتدعوا بأن ينصر ابنها ومن معه ويرجع إليها سالما غانما ويرحم جميع الشهداء، ولما انتهيت الحرب رجع الولد إلى قريته مع من بقي منهم فرحين بنصر الله ، فتسمع التكبيرات بمناسبة رجوعهم من ارض القتال وهم مرفوعين الرأس فينزلون من الحافلة التي كانت تقلهم فتلقى عليهم انواع الورود فيقبلون كل من أمامهم ولما
وصل الولد أمام بيته يرى أمه تنتظره من خلف الباب والدموع تنهمر على خديها من الفرح وأن الله أستجاب لدعائها وتمر الأيام فيتزوج الولد وتعم الفرحة امه ويعيشون في سالم وأمان..
ولكن فهناك حكايات أخرى في واقعنا وراء كل باب لم تنتهي بمثل هذه الحكاية ألنها كانت مؤلمة وتقشعر لها الأبدان وتدمي لها القلوب صارت موجوده ومازالت إلى يومنا هذا في ارض فلسطين الجريحة (غزة الصمود )
بقلم الأديب/ أبو إيهاب القادري القادري
الجمهورية اليمنية
٢٠٢٣/١٢/٣ ميلادية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق