الأحد، 24 نوفمبر 2024

نحو الحقيقة / بقلم / ابراهيم خضور

 نحو الحقيقة

صادمٌ وجهُكِ ساعةَ اللقاءْ
لم أستطعْ فيه تفسيرَ المُناخْ
كيف يستبيحُ الظلامُ جبين النَّهار؟
أغرقني حُزنكِ ... أدمى الكلامْ
أمطرني لسانُ الحالِ في عينيكِ
بوابلٍ من التَّجاهلِ ...
وعاصفةٍ منَ اللامبالاةْ
كانتْ عِتاباً... كانتْ بغضاً
كانتْ لهيباً وانتقامْ
٭ ٭ ٭
لدى العرَّافاتِ اليومَ همومْ
في أبجديةِ الخوفِ أقرأوها
وفي صفحاتِ الوجوهِ غيومْ
أفزعني القلقُ المتحفِّزُ في أصابعكِ
على امتداد الآفاقِ
في مدى الشُّطآنِ...
في الأوديةِ ألحظُها...
وفي الأحلامٍ المتعبةْ
ويضجُّ في الأفلاك الوجُومْ
في بحارِ الشَّوقِ ضَلَّتْ سُفني
حينَ غابَ القمرُ في عينيكِ
وأطبقتِ الأجفانَ عليهِ النُّجومْ
٭ ٭ ٭
تَنَكَّبتُ وجعي في مَسير الحالمين
متعجِّلاً... أهيمُ اغترابْ
كيفَ أجتازُ متاريسَ النَّدم؟
كيفَ يُغادرني دفئُها العتيقْ
دَمي ما زالَ هناكْ
في وحلها يُنبتُ أزهاراً
وعماراً يُتوِّجهُ الياسمينْ
صوتي ... كلماتي
ملصقةٌ على جُدرانها
أعمدَتي تَنكَّستْ في عَماراتها
قناطرُها قلوبٌ يَسكنها الفرحْ
يدخُلها وقوراً... يغادرها مهينْ
حدائقُ الأطفالِ تزهو بهم
كراسيها تحملُ أكوامَ المتْعَبينْ
وحَدَهمْ منها السعادةَ يَرشفونْ
في زوايا يَهجرها الليلُ يَتسامَرونْ
في أحاديثهم تعيشُ آلافُ السِّنينْ
وفي جِباههمْ تَلمحُ أحزانَ العابِرينْ
تُرى كيفَ يُلملمونَ شتاتَ الضُّلوع؟
في خُشوعهم يمتلئُ فضائي حنينْ
٭ ٭ ٭
حينَ انزويتُ في حانات التَّائِهينَ
كانتْ الرَّغباتُ اِنفلاتْ
حياتهم لا تعرفُ رثّاً من ثمَينْ
ولا كيفَ تتجلَّى الأمنياتُ
وتنكسرُ الرَّغائبُ حِيناً بعدَ حِينْ
ينامُ في عَثرتهِ القلبُ حَزينْ
تُرى كيفَ يَنهزمُ الأملْ؟
ويتوارى خلفَ شَقاءِ العمرِ
وكيفَ به يستكينْ
٭ ٭ ٭
لا شيءَ هُنا منَ المألوف
(الكلُّ) يتقاسمونَ القديدْ
أسياداً كانوا أمْ عَبيدْ
وكلُّنا لا يعرفُ الإجابةَ
كيفَ كُنَّا...؟
كيفَ غَدونا شاربينَ للصَّديد؟
تَلوكُنا الكلماتُ مجّاً بزفير
وتَنصبُ لنا الشراكَ في تَنْهيد
الصبيةُ تَحملُ الرؤوسَ
وتأكلُ الأصابعُ لُقمتَها في اِجترارٍ
وتُحرِّكُ بغنجٍ أذيالَها الكلاب
بالشُكر تَفركُ الدِّبارَ عندَ الجُلوسْ
لا شيءَ هُنا يُعرْكَ اهتِمَاماً
(الكلُّ) في ُشغلٍ، يَتدثَّرونَ في الأحْلامْ
وظُلمةُ المكانِ تَغطشُ الليلَ والنَّهار
والصُّراخُ زوبعةٌ في فِنجان
لا يُوقدُ في الشَّفتين سِعار
ولا يُشعلُ في هَشيمِ القلبِ
غيرَ الاحتِضَارْ
السَّلامُ في أوَّل الحديثِ
وفي خِتامِ الكَلامْ
كلُّنا حانقٌ على الظَّلام
سائرونَ في الرِّكابْ
غارقونَ حتَّى الرِّقاب
في ذبح الحقيقةِ ودَفنها
في غَياهبَ بلا قَرارْ
ابراهيم خضور


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق