السبت، 5 أكتوبر 2024

هنا نابل / بقلم / المعز غني

 هنا نابل/ الجمهورية التونسية

" من هم المعذبون في الأرض؟ "
عفوا ...
" أقصد الموظفون في الأرض ...! "
بقلم المعز غني
الوظيفة تسرق الأعمار بلا فائدة ...
فأقبح شيىء فى هذا الوجود هو أن تكون موظفا حكومي مقبوض عليك من الثامنة والنصف صباحا إلى الخامسة والنصف مساءا ، بينما تمر أشياء جميلة خارج مقر عملك لن تراها ...
حياتك كاملة ستمر في هذه الدوامة وعلى نفس الوتيرة ونفس الروتين الإداري طيلة حياتك المهنية ، لن تستطيع التغيب إلا بإذن من لدن رئيسك المباشر في العمل ولن تأخد عطلة راحة إلا بإذن منه وإذا مرضت لن يصدقك أحد حتى تدلى بشهادة طبية . وأحيانا لن يصدقوا حتى مرضك الواضح على وجهك فيرسلونك إلى العرض على الفحص الطبي للتأكد من صحة مرضك ...
لن تتمتع بنوم الصباح ...
لن تتمتع بشبابك ورجولتك ...
سـتتوه وسط حروب تفرضها طبيعة شغلك ... ستقضى حياتك ركضًا لتكون حاضرا في الوقت الذى حددوه لك ...
ستعيش بأعصاب متوترة وسط ضغط نفسي وحرب أعصاب لا تنتهي ...
تستهلك أقراصا مقوية وأخرى ضد التوترات العصبية ...
ستظل تتمنى وتنتظر الزيادة في الأجور وترقيات السلم الوظيفى ، وتتابع الحوارات الإجتماعية والنقابات أملاً فى الحصول على مستحقاتك المنهوبة ولن يسمح لك بالمغادرة على شرف نهاية الخدمة (الإحالة على التقاعد ) إلا بعد أن تقضى معظم عمرك فى هذه الدوامة أو عندما تبلغ حد سن المعاش ...
سيحتفل بك وبنهايتك وقرب موتك زملاؤك فى العمل ، يقولون كلمة وداع في حقك أن تم التفكير في تكريمك ... ! ، وغالبا يقع تجاهل ذلك وتخرج من الباب الشباك .
سيبكي البعض ليس عليك بل على حالهم الذى يشبه حالك ...
سيمنحك رئيسك المباشر شهادة وهدية بلا قيمة هي بمثابة شهادة عزاء أمام حياتك التي سرقت منك ...
ستعود إلى البيت صامتا وفي صباح أول يوم من تقاعدك سـ تنتبه أن الأولاد رحلوا عن البيت وإن شريكة حياتك هرمت وغشى الشيب رأسها ... تتمعن فيها ... تتساءل متى حصل كل هذا ...؟ حينها سينادى المنادي فيك ... أن الوظيفة تسرق الأعمار بلا فائدة ...
فلا تنخدع فى المُسكِن المسمى بالمرتب الثابت...
عندها ستندم على الذي فات من عمرك وتصيح بصوت عال : ليت ... ليت ...ليت الشباب يعود يوما ....!؟
لكن هيهات يجيبك صدى صوتك لقد فاتكم القطار
ملاحظة :
قريبا جدا أحال أنا كذلك على شرف المهنة بعد 39 سنة عمل فعلي في خدمة المواطن
إن شاء الله بطول العمر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق