الثلاثاء، 26 مارس 2024

مجرد نفخة / بقلم / مصطفى محمد كبار

 مجرد نفخة

في القصص القديمة
خبرٌ و معجزة
و قد ورثنا من القدماء
إسطورة الدين
فهل أخذنا من القدماء ما
يكفي من الخرافة
حتى نقدس إكذوبتهم
الطويلة
لقد جربنا فن الخداع
و فن الكذب منذ البداية
كما الآخرين جربنا الإختلاط
بالنساء بالخفاء
و مثلنا دور البطل القوي
بلأداء الذكوري
و سرقنا من أجسادهن
ما نستطيع حمله بالعبور
الخائب
و عاشرنا كل الغباء بالأوقات
التي تهلاكنا بالطعن
مارسنا الركض و القفز
في الهواء
و الغطس في الماء و جلسنا
في المقاهي المنعزلة نرتب فوضوية
الفراغ بداخلنا
مارسنا الحب و العاطفة و تعاملنا
مع السخافة كشكل
مجاملة
و مارسنا الجنس القاتل
و الإنجاب المبكر
تباعدنا عن كل الأشياء
الحية
خسرنا كل ما كان ينهض
بنا
هي الفاجعة التي كانت
تدير شؤون حياتنا
تعمدنا أن نكون مثل الأرصفة
تدوسها بالنعل كل
العابرين
لقد سرقوا منا الزمان و
سرقوا المكان
ثو نحن سرقنا من الوطن أسمه
فقط و تهنا غرباء
فلم يحالفنا الحظ لنحتفظ
بخريطة العودة
فخضنا حروبٍ و معارك
ضارية
مع الشيطان الذي يسكننا
فإنتصر الشيطان علينا و
أجهش بالخراب
و نحن تأقلمنا مع الخسارة
و عدنا إلى الخيبة
منكسرين
كم نحن متعبين و خائبون
لألف و ألف عام
من هو سبب هذا الإنكسار
من هو الذي يحمل ذنبنا
من هو الكافر القديم
نحن أم هي تلك الآلهة
التي تحجز عناشكل
الحياة
عبثٌ و عبث فكل الشعراء
يعبثون
يرسمون من الكلمات نوراً
بعتمة الفجر
و سماءٍ تحمل لنا نجوماً
و مطراً
يا لسخافة و التفاهة بشكل
النجاة في العدم
كالقردة نرقص مع الريح
فنرسم شمساً من الرماد
و قمراً من الحجر
نتسلق أجساد الموتى
المحبطين
و نحتسي من الضجر كأس
الخمر العتيق
نعشق بالحب ما يهدنا
و نضحك بالخيبة خاشعين
باليأس
ثم نمشي مع السراب
طويلاً
و نتكأ بثملنا على الخيال
البعيد
و نعج برؤوسنا بالأفكار
التافهة
فنكتب أسمائنا في القصيدة
حروفً لتكسرنا حجراً
حجراً
كأننا خلقنا للأوجاع
فقط
نحمل ما ليس لنا من
الهموم
و نترك العمر في كذبة
الدهر تائهاً أمام الريح
بالهزيمة
نهوى من كل الأشياء
الصمت
نموت بصمت
نتألم بصمت
نبكي و نتوجع بصمت
فلم نعد نملك صوتً
ليحكي
ما عما يدور بداخلنا
فنحن لا نستحق صفة
البشر
نحن عربدة الآلهة بنكسة
القيامة
نحن حطب الجحيم
بمحرقة الزمان
و المكان لا يشبه المكان
و الأنسان لا يشبه الأنسان
كل شيء أصبح قذراً
و تافهاً بلا معنى
فالحمير تعيش مرتاحة دون
أن تفكر مالذي يحدث
بعد
و الأرانب تعيش متولدة
كالجماعة
و الأبقار تبشر بالخير بحليبها
و الكلاب لوحدها تعيش على
أنقاضنا
و النمل يأكل من فتات قمحنا
فهو يعلم موعد الشتاء
أم نحن فنحسد ُ كل الحيوانات
على عيشها
فنحن الحالمون بصورة
الحياة
لكننا نسينا وراءنا أعمارنا
لكي نحيا بها
اختلف كل شيء عنا
و تبدلت أحوال النائمين
فوق جدار الليل
لما خلقنا نحن من طين
و لم نخلق كالأشباح البارعين
بلون الضباب
نرقص هنا و نصنع ضجيجاً
هنا
و نتقاسم مع البشر المشرقين
برزقهم
لنطير في الهواء و نكسر الصدمة
بدقيقة واحدة
ماذا كان سيحدث لو أن
الحلم كان حقيقة
فإلى متى سنحمل نعوشنا
فوق ظهورنا المتعبة
ربما ينقصنا الكثير و الكثير
كي نعشر بوجودنا
نريد من الآلهة صدفة
البداية
كي نمضي إلى طفولتنا
عائدين للبرائة
لن نعود كما كنا
و هي لن تعود لقبر
ولدها البعيد
لا نريد منكِ شياً يا أيتها
السماء
فلا نريد أن نحمل بعد
بعمرنا المكسور
سوى أرواحنا التي
ماتت
معذبة بالقهر
كتبت من الكآبة عن كل
شيء تقريباً
و نسيت أن أكتب بأخر
القصيدة من أكون .؟
إنها
كلالة الروح الساهية
و كهل الجسد بصراع
الموت
فإرفعوا راية الهزيمة يا من
يقرؤون القصيدة بلا
حنين
و اسكنوا الريح كي لا تموتوا
جبناء
إنها نفخة المقتول الأخيرة
بتفاهة الكتابة
مصطفى محمد كبار
ابن عفرين
٢٠٢٤/٢/١٩ حلب سوريا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق