الأربعاء، 28 فبراير 2024

سأظل أكتب / بقلم / محمد التطواني

 سأظل أكتب سحابة يومي..!

لمن يعرفني ومن لا يعرفني .
ـــــــــــــــــــــٌـــــ
عند زيارتي لمسقط قدماي ورأسي ، وخلال جلسات مهدئة للأعصاب والإكتآب في احدى المقاهي تجمعني مع ممن أعرفهم ، ولا أعرفهم دردشة ينكمش لها العقل والفكَر كانكماش الثوب، تتخللها أسئلة ، تتطلب مني إحضار قراطيس ، وكأني سأكتب حرب طروادة الاغريقية .
ومن أكبر الأسئلة حجماً:
كيف يتم طبخ أعمالي القصصية والروائية وغيرها ، ومن أين مستوحاة ؟؟
فيكون ردي :
إذا كان بناء جسر للعبور الى ضفة مقابلة ، لابد من توفير الدِّعامة من حفر واسمنت وحديد، والأساس في البناء ، أي بناء ، العقل ثم العقل .
بالنسبة لطبخ أعمالي القصصية والروائية ،إنطلقت بدون هدف على نار هامدة ، وبدون مِلح او توابل ، لكن كانت دِعامة عشتها فوق الحصير وفوق الأرصفة والإسفلت مع المسحوقين الفقراء.
كان والدي يعطيني بقشيشاً ، درهما أو نصفه ، لشراء ما ينقصني من أدوات مدرسية ، فأصدق به وأنا في طريقي الى المدرسة على كل من مد يده أو العكس من الدراويش والمحتاجين وخاصة منهم أطفال همل ، رغم أني كنت متيقن أن عصا معلمي تنتظرني.
ثم جاءت مرحلة لأنتقل من سن طفل متهور ، الى مرحلة إشتدت عظامي وأصبحت أجالسهم مجالسهم ،أتكلم لغتهم الخشنة ، وأتألم ألم معدتهم التي تشكو عدم توفير التِّرْياق وأنا أرى إهانة المارة .
وأصحاب البطون المنفوخة شبيهة بعجلات الحافلات .
كانت بالنسبة لي تجربة ، وكأني أحضر مدرجات كلية الحقوق ، جمعت من خلالها صُدَفَ البحر ، فصرت لسان الناطق باسم المسحوقين والفقراء والمظلومين ، وبأبسط السبل ،لا إسمنت ولا حجر ولا حديد ، كل ما هناك ، خبرة وورقة وقلم .
إنغلقت على نفسي لمدة قصيرة كدودة القز تعيش بداخل خيوط من حرائر تنسجها عن طواعية ، قبل أن يتعقبها الانسان وهي تطير في الفضاء ، ثم تلاها سؤال : طرحته على نفسي : ألم يَأْنِ الوقت ؟ثم خرجت من ثَقْب الإبرة .
حاليا .. هذا ما في جعبتي من مختصر ، فاذا كانت اعمالي في الأكشاك قيمتها أقل من قَصْعَة ثريد ، ولم يلتفت اليها جيل الطحالب ، الذي ترمي به أمواج البحر طرداً، كطرد آدم من الجنة ، فثمة جيل لم تتغيَّم سماؤه قادم ، يملك طوية خارقة ، سيبحث عن جذوره بين الخزانات والمكتبات لطي صفحة أماسي الحمراء .
الكاتب محمد التطواني من المهجر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق