السبت، 28 أكتوبر 2023

الدم والدموع / بقلم / أسيف أسيف

 يوميات أناس عاديين // زلزال الحوز ( 08/09/2023) //15//

419
************
ترى ما هي الأحاسيس الدقيقة التي نشأت بداخل كل واحد منا تلك الليلة المشؤومة المؤرخة بالدم والدموع ؟ أكيد الألم ، اليأس والمرارة حد الغثيان . العيون تدفقت منها الدموع الغاضبة . الصراخ متواصل ، التوسلات على أشدها من هنا وهناك ، لكن لا شيء .. لا شيء ، قد كان كل شيء وبالتأكيد في الحاضر . لا نتذكر كل التفاصيل الصغيرة التي تخص لون الجدران و الأرضية والزوايا التي تصل إلى غرفة النوم التي كانت بها الفاجعة ، لكن نتذكر الهزة الخادعة العنيفة التي أصبحت قصةً مؤلمةً على كل لسان .. نتذكر الدم الأحمر القاني الذي سرى في العروق ثم فجأة تجمد .. نتذكر تلك الدمية المضغوطة التي بَدتْ كأنها تنبض عوض صاحبتها المُطمرة في التراب .
المنسيون دوما هم الأطفال الذين تقودهم المعاناة إلى الهوامش. ففي زحمة القلق ، ننسى أمرهم . نغلق كل أبواب الغرف التي كانت مفتوحة في وجوههم في مرحلة عمرية ما . نتركهم ملفوفين في الردهات .
في ذلك الليل، شاهدت طفلا صغيرا ليس به نمش ، كان ذو شعر أحمر ، غير مرتب ، أشعث للغاية. أحسست أنه كان يبحث عن إجابة لم يقدمْها له الكبار . كان هناك " فراغٌ " أمومي في ملابسه الرثة .. إنه " اليتم " .. إنه الإسم " الحارق " الذي نطلقه على صغار مثله عندما "يتجول" الوسخ على ثيابهم و أجسادهم دون قيد أو شرط .
ريح بلا حب .. دموع وخيبة أمل .. شعور.. إذلال وسخرية من زملائه .. كل شيء يتكرر مثل الكوابيس بالنسبة له . عليه منذ الآن أن يفهم ما هو غير مفهوم .. أن يسأل نفسَه ويجيبها هو نفسُه .. فالشمس التي غادرت ذلك المساء ، ابتعدت كثيرا وتركته في العراء .
بقلم
أسيف أسيف // المغرب //


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق