الخميس، 7 سبتمبر 2023

بائعة المناديل / بقلم / أسيف أسيف

 يوميات أناس عاديين // بائعة المناديل الورقية //16//

404
***********
ما زلت حتى اليوم حين أصادف لفظ " جحيم " يخطر ببالي الحياة اليومية لأسرة "امباركة "
لم ولن أنسى ذلك الصوت الطفولي ، وذلك المحيا الذي يقطر خجلا أمام نظراتي، وتلك الأنامل الرقيقة التي كانت تلهو بجنبات طاولة المقهى في حرج ، وجسدها الصغير يتلوى يمنة و يسارا .
ورغم ذلك ، أحببت ذلك المساء الذي عرفت فيه حقائق كانت غائبة عني .. عرفت أناسا يعيشون خارج الحياة في احتشام واستحياء ، فالأم تغيب عن الأنظار لما ترسل صغيرتها " امباركة " لتبيع علب المناديل الورقية بثمن لا يتعدى " درهمين " لا غير .
" امباركة " خِفَّةُ كيان يتَّقد حركية طوال ساعات النهار ..امباركة تقابل زبناءها و هي تداعب خصلات شعرها الأشقر .. امباركة سَعتْ إليَّ ذلك المساء ، واليوم أنا الذي أسعى الى معرفة مصيرها بعدما مرَّ شهركامل على لقائها .. امباركة من المفروض أن تلج المدرسة .. إنه أول يوم من الموسم الدراسي 2023/2024 .. ترى هل ارتدت كسوة جديدة كأترابها ؟ ترى هل اقتنت لها أمهما كل لوازم الدراسة ؟ ترى هل ستتخلص ــ إلى حين ــ من عبء بيع علب المناديل الورقية أم ستتضاعف مسؤولياتها ؟
الفقير في هذا العالم ضحية .. تُداس كرامته بكل سهولة .. اليوم ، أشعر حقا بالأسف تجاه هذه الفئة .. ثمة شيء غريب .. شيء عجيب .. ثمة ما هو مؤلم لا ينسى ولن ينسى .
كنت بكامل روحي هنا هذا الصباح لوحدي .. لكن لم أشعر لحظة واحدة أنني كنت وحدي ، بل كنت برفقة " امباركة " بائعة المناديل الورقية .
بقلم
أسيف أسيف // المغرب //
بتاريخ 04/09/2023


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق