فتنة والفنون
فتنة فتاة هادئة ومحبة للفنون، تتقن فن الكتابة والرسم... رغم هدوئها وحيويتها ونشاطها الفني ، إلا أنها لم تكن تتمتع بروح اجتماعية ، لا تستمتع بمشاركة أفكارها وأعمالها مع الآخرين، ولا تستمتع بالاستماع لآرائهم وانطباعاتهم...
مع مرور الوقت، بدأت فتنة تشعر بالوحدة على الرغم من وجود العديد من الأشخاص حولها. بدأت تختبئ خلف ضباب من الحزن، مما جعل ملامحها تكتسي غموضا غير عاد ، وكأنها لا تعيش مشاعرها الحقيقية.
كانت تراقب الحياة من بعيد، كما لو
كانت تشاهد فيلما على الشاشة. ترى الأحداث تتكشف أمامها، وتشهد على السعادة واليأس والحب والخيبة. ولكنها تشعر بعدم القدرة على المشاركة في صنع الأحداث من حولها ، كما لو كانت محصورة في زنزانة من عالم آخر.
ذات يوم ، قررت فتنة أن تكتب قصة عن نفسها وترسم حياة جديدة لها ، بدلا من أن تبقى مجرد متفرّجة ... أخذت قلمها وورقة وبدأت تصف مشاعرها وأحاسيسها بكل صدق وصراحة. ما كان يميز فتنة هو قدرتها الفطرية على التلاعب بالألوان والخطوط لإيصال المشاعر والمعاني التي تريد . لقد كانت تجد في الرسم والكتابة وسيلة للتعبير عن ذاتها بحرية تامة، حيث يمكنها خلق عوالم مذهلة وتصوير أشياء طريفة بطريقة مميزة. تختار لنفسها زاوية هادئة من البيت، تحت ضوء الشمعة، وتأخذ وقتها في الغوص في أعماق الكتب والقصص الملهمة. تتنوع اهتماماتها القرائية ؛ فقد تقرأ رواية أو روايتين في يوم واحد وتستوحي منهما أفكارا لرسم جميل في اليوم التالي.
كانت كتاباتها ورسوماتها ذات طابع تراجيدي ، تعبّر عن الألم العميق الذي تختبئ وراءه.
أدركت فتنة أن الفن لغة تتجاوز الحواجز والقيود، ووسيلة للتواصل مع العالم. انعكس شغفها وحبها للفن في أعمالها، حيث كانت تبث الحياة والجمال في كل ما تقوم به.
بكتابة قصتها بدأت تستعيد حيويتها وربطت علاقات مع محيطها ، وتحولت من فتاة متفرّجة إلى مشاركة فاعلة في الحياة. أصبحت تعيش كل لحظة بكامل وجودها، وتستمتع باللحظات الصغيرة المليئة بالفرح والحب. واكتشفت أن كتابة حكايتها حررتها وأعطتها قوة واجهت بها حقيقتها. فأصبحت ملامحها الضبابية تتلاشى ببطء، وتتكشف عن قوة داخلية مدهشة...
أصبحت فتنة قوية وجريئة، تتحدى الحزن وتعيش بكامل قوتها. لم تعد تعيش حكايتها كمتفرّجة، بل أصبحت صاحبة قصة خاصة ، تحوّلت بها من فتاة بضفائر من حزن ضبابيّة الملامح إلى فتاة ملهمة ومشرقة، تعيش الحياة بكل حيوية ونشاط...
الطيبي صابر(أبوسهيل)المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق