الأحد، 30 أبريل 2023

همسات / بقلم / أسيف أسيف

ذات يوم ، بحثت عن المنطق ، فوجدت انعدام منطق " أرسطو " في هذا الكون لما تكلمت بضمير المتكلم عن ضمير الغائب دونما شعور بالخطيئة . ذلك الضمير الغائب/الحاضر الذي احتل مكانا لم يخصص قَطُّ لأحد من قبلُ . فالحيِّـزُ المخصص له كان فسيحا وما زال كذلك ، لأن الرغبة كانت طاغيةٌ ومُلحَّةٌ لامتلاكهِ و حيازتِه ، خاصة بعد أن ذابت الجدران والأسوار العالية التي كانت فاصلة بيني وبينه في اليوميات و الهمسات الصباحية و المسائية ، تلك التي ابتعدت عن سرد الأحداث العامة لتكتفي بالأحداث الخاصة التي تنسج الحروف في لجة الماضي والحاضر دون تراتُبٍ و لا ترتيب زمني ولا مكاني .

لا تتبرأ الأحداث من الأمكنة و لا الأزمنة ، فهي المُحفِّزةُ و المفجِّرَة للكتابة .. تُناوش الأماكن فنتذكر الأزمنةَ والأشخاصَ ، تهرب إليها الذكريات وتختبيء في جوفها وتطل من الشقوق قائلة: ها أنذا أعود من جديد في حلة جديدة لأدَوَّنَ بقطراتِ المدادِ و أخلِّدَ اسمي بعد موتي .
إننا نقتل ذكرياتنا الجميلة إن لم ندونْها .. نشُلُّ حركتَها ونُجمِّدها حتى ولو لم نَنْسَها .. لكن في نفس الوقت لا يجب فتح صمامها لتجري أمام العموم ، كما تجري مياه الجداول في الجبال و الهضاب ، فـتَجْرِفُ و تُجْرَفُ .
لحد الآن ، الكتابةُ لم تحرِّرْ كل ذكرياتي المعتقلة بلا تُهَمٍ .. فما زال الكثير منها في ذهنيَ الموجوعِ بفعل المِحن التي صنعتْها . ولأن المأساة تمنحنا دوما الخصمَ الأكبرَ في الحياة ، فلقد اِنتصرتُ في أغلب " المباريات " ضد "مِحَني " ، ومع ذلك لم أضطر يوما ل" إعدام " خصومي ، الذين لا زالوا في ذاكرتي يقبعون معززين مكرمين .
كنتُ أريد أن أنسى بعض ذكرياتي لأنها سبب قلقي وتعاستي أحيانا ، لكن اِعتدتُ مشاهدة أماكنَ كلُّها مازالت " تلتفتُ " إليَّ ، فأحدق فيها بفضولِ مَنْ رأى ملاكا غريبا وافْتُتِنَ به .
بقلم
أسيف أسيف // المغرب //


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق